العودة الى الصفحة السابقة
قوة الصلاة

قوة الصلاة

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو قوة الصلاة.

هل تدرك عزيزي المستمع ان كل ما هو لله هو لنا، وأن الله يبسط يديه الممتلئتين بالبركات وهو يقول: «اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ... نْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!» (متّى 7:7 و11).

إن سر الضعف الروحي في حياة أغلب المؤمنين اليوم يتركز في قول الكتاب المقدس «لَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ» (يعقوب 2:4)، كثيرون من المؤمنين يسألون عن سبب ضعف تقدمهم ونموهم الروحي والسبب هو إهمال الصلاة. لستم تمتلكون لأنكم لا تطلبون، خدام كثيرون يسألون عن سبب قلة الثمر في خدمتهم، ومرة أخرى يقول الله أن السبب هو إهمال الصلاة، لستم تمتلكون لأنكم لا تطلبون. لقد أعد الله لكل مؤمن حياة قوية منتصرة، كما وضع قوته غير المحدودة تحت تصرف أولاده المؤمنين، وأعلن مرات كثيرة وبطرق مختلفة في كلمته الحية قوله الواضح: «اِسْأَلُوا تُعْطَوْا... اُطْلُبُوا تَجِدُوا»، وملايين من المؤمنين تمسكوا بكلمة الله واختبروا صدقها وقوتها فعاشوا حياة مقدسة مليئة بالثمر.

لعلنا نندهش أي قوة عجيبة تلك التي كانت في حياة بطرس ويوحنا مثلاً! وأي ثمر ممتاز كان في خدمتهم! لا شك أنه كانت للكنيسة الأولى قوة ممتازة، فرغم الإضطهادات العنيفة التي اجتازت فيها كان عمل الله ينمو ويزداد، ومرات كثيرة نقرأ في كلمة الله «كَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ» (أعمال 47:2)، ثم يقول أيضاً: «وَكَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا الْكَلِمَةَ آمَنُوا، وَصَارَ عَدَدُ الرِّجَالِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفٍ» (أعمال 4:4)، ثم نقرأ أيضاً: «وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ، جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَال وَنِسَاءٍ» (أعمال 14:5). والرسل أنفسهم يوضحون سر هذه القوة العجيبة التي تهزأ بالاضطهادات في قولهم: «أَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى الصَّلاَةِ وَخِدْمَةِ الْكَلِمَةِ» (أعمال 4:6).

ما أقل الوقت الذي يقضيه المؤمن العادي في الصلاة؟ إننا لا نجد وقتا للصلاة ولذلك لا نجد الطريق إلى القوة. لدينا نشاط كثير لكن عملنا ناقص، خدمات كثيرة لكن متجددون قليلون، ضجة كثيرة لكن نتائج ضعيفة هزيلة. إننا نحتاج إلى قوة الصلاة في حياتنا وفي خدماتنا، لكننا لسنا نمتلك لأننا لا نطلب.

من المؤلم أن كثيرين من المؤمنين لا يؤمنون بقوة الصلاة، غير عالمين أن التاريخ المقدس يوضح لنا أن رجال الله المنتصرين هم رجال الصلاة. إن أولئك الذين استخدمهم الله في كتابه. لهم أجمل الصفحات في تاريخ الكنيسة المسيحية هم، بدون استثناء، أولئك الذين عرفوا الطريق إلى عرش النعمة.

إن الصلاة تستطيع أن تعمل اليوم كما عملت في القديم، بل أن الصلاة تستطيع أن تعمل كل ما يستطيع الله أن يعمله. إن ينابيع الله الغنية تحت تصرف الصلاة، لأن الصلاة هي المفتاح السحري الذي يفتح مخازن الله التي لا تنضب.

اسألوا تعطوا.. هذه الكلمات ما زالت النداء الحار والدعوة الصريحة التي يدعونا إليها إلهنا الصالح، وهو يفتح أبواب مخازنه الإلهية على مصراعيها. لا شيء يمكن أن يحد قوة الصلاة، لسبب واحد بسيط وهو أنه لا يوجد شيء يستطيع أن يحد قوة الله. إن كل شيء مستطاع لدى الله ولأجل هذا فان كل شيء مستطاع بالصلاة. وفي مختلف الأجيال والعصور نقرأ عن رجال ونساء من مختلف الطبقات كان لهم الإيمان البسيط الواثق بتعاليم الكتاب المقدس عن الصلاة، لقد سألوا ونالوا الاستجابة، والآن لندرس بعض الأمور التي نستطيع أن نحصل عليها بقوة الصلاة.

إن أهم ما نحتاج إليه هو أن نعرف حقيقة نفوسنا، أن نعرف ضعفاتنا، خطايانا الخفية، محبتنا لذواتنا، كيف أنه لا يسكن فينا شيء صالح (رومية 18:7). إن شعورنا بالضعف وعدم الاستحقاق في ذواتنا هو السبيل الوحيد للامتلاء بقوة الله، وهذا ما اختبره إشعياء، ففي سنة وفاة عزيا الملك رأى السيد الرب، وعندئذ رأى نفسه فصرخ قائلاً: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ» (إشعياء 1:6 – 5)، ومن ذلك الوقت انسكبت قوة الله على إشعياء وأرسله الله للخدمة المجيدة والعمل الإلهي المبارك «ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ قَائِلاً: مَنْ أُرْسِلُ؟ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟ فَقُلْتُ: هأَنَذَا أَرْسِلْنِي» (إشعياء 8:6). وهكذا كان الحال مع موسى وقت أن تقابل مع الله عند العليقة المحترقة بالنار وكان قد تفرغ من قوته الشخصية واعتداده بذاته ورأى نفسه غير نافع إطلاقا لخدمة الله، عندئذ أرسله الله لخدمة مجيدة سطرها التاريخ المقدس بأحرف من نار ونور وسُجل اسم موسى في كلمة الله كأحد رجال الله المقتدرين.

إذا أردنا أن نحصل على القوة الروحية ينبغي أن نعرف نفوسنا كما هي بالطبيعة، ولا نستطيع أن نعرف نفوسنا على حقيقتها إلا في عرش النعمة حين نصلي مع نبي الله داود «اخْتَبِرْنِي يَا اَللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، وَاهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا» (مزمور 23:139 و24). ولا شك أن الله مستعد أن يغمر بقوته العجيبة تلك النفوس التي تنسكب في عرش نعمته بهذه الكيفية، وعندئذ يكشف الله لنا حقيقة نفوسنا كما يراها الله نفسه ويتفرغ القلب من كل غرور واعتداد بالذات ليفسح المجال لانسكاب قوة الله.