العودة الى الصفحة السابقة
مجيء المسيح الثاني

مجيء المسيح الثاني

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو مجيء المسيح الثاني.

قبل أن صُلب ربنا يسوع المسيح بليلة واحدة كان يتكلم مع الأحد عشر عند عشاء الفصح ويقول: «أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا» (يوحنا 2:14 و3) وبعد مضي 44 يوماً كان يكلم الأحد عشر على جبل الزيتون وفجأة «ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ. وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ. وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ، وَقَالاَ:«أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ» (اعمال 9:1-11).

إن يسوع هذا الذي انطلق سيأتي ثانية. هو لن يرسل شخصا آخر بل سيأتي بشخصه ليأخذنا إليه لنكون معه في الأمجاد.

نحن لا نعلم ما الوقت أو الساعة التي فيها يأتي ربنا، إنما هو أنبأنا بأن مجيئه سيكون مفاجئاً وفي وقت لا ينتظره الكثيرون «لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ» (متّى 44:24) «فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ» (متّى 13:25).

عزيزي المستمع لأننا لا نقدر أن نعرف يوم أو ساعة مجيئه فقد أعطانا عدة علامات كافية لتعلمنا بقرب مجيئه. سأذكر منها اثنين فقط وهي المذكورة في سفر دانيال 4:12 «َمَّا أَنْتَ يَا دَانِيآلُ فَأَخْفِ الْكَلاَمَ وَاخْتِمِ السِّفْرَ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ. كَثِيرُونَ يَتَصَفَّحُونَهُ وَالْمَعْرِفَةُ تَزْدَادُا» وقت النهاية فترة لا تزيد ربما عن السبعين سنه قبل مجيئه. فالعلامتان هما إذن «كثيرون يتصفحونه» والثانية «المعرفة تزداد» هل يستطيع أحد الإنكار بان هاتين العلامتين هما في طور الإتمام في هذا العصر؟

وماذا سيحدث أيضاً؟

«فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلًا. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ. لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الْكَلاَمِ» (1تسالونيكي 15:4-17).

الأموات في المسيح هم المؤمنون المولودون ثانية الذين رقدوا في الجسد. وعند مجيء الرب سيذهب كل المؤمنين لملاقاته في الهواء وعند ذاك يحصل جميع المؤمنين على أجساد جديدة.

هذه الأجساد التي نعيش فيها الآن هي أرضية ترابية «لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ» (تكوين 19:3) وهذه الأجساد في الوقت ذاته هي ضعيفة ومعرضة للمرض والألم والموت. هي أجسام لحمية وتشتهي ضد الروح، وهي نظير حبة الحنطة التي تزرع وتنتج جسماً جديداً أي السنبلة التي لا شبه فيها للحبة التي زرعت «لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: كَيْفَ يُقَامُ الأَمْوَاتُ؟ وَبِأَيِّ جِسْمٍ يَأْتُونَ؟ يَاغَبِيُّ! الَّذِي تَزْرَعُهُ لاَ يُحْيَا إِنْ لَمْ يَمُتْ. وَالَّذِي تَزْرَعُهُ، لَسْتَ تَزْرَعُ الْجِسْمَ الَّذِي سَوْفَ يَصِيرُ، بَلْ حَبَّةً مُجَرَّدَةً، رُبَّمَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ أَحَدِ الْبَوَاقِي. وَلكِنَّ اللهَ يُعْطِيهَا جِسْمًا كَمَا أَرَادَ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبُزُورِ جِسْمَهُ» (1كورنثوس 35:15-38).

هناك أجسام سماوية وأجسام أرضية واحدهما يختلف عن الآخر في المجد. الأجسام الأرضية تزرع في فساد ولكنها تقام في عدم فساد، تزرع في هوان وتقام في مجد، تزرع بضعف وتقام بقوة، تزرع أجساماً حيوانية وتقام أجساماً روحانية. «كَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ» (1كورنثوس 49:15).

على كل حال لا تتوقع أن نعلمك بكل شيء من جهة الأجساد المقامة من الأموات، لأن الرب لم يعلن لنا كل شيء عنها. «أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ» (1يوحنا 2:3).

لقد أعلن الله لعبده يوحنا بعض ما يحمله المستقبل لنا نحن المؤمنين ليكون عندنا فرح وننتظر ذلك اليوم بفارغ صبر. اسمع ما يقوله في رؤيا 3:21 و4 «وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً:«هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ» إنه لمكان رائع حقاً! فهل أنت على استعداد لمجيئه؟ وهل أعددت نفسك لذلك المكان؟

ونكون كل حين مع الرب

إن الرب يسوع المسيح لا يتخلى عن المولودين ثانية، وذلك بشخص الروح القدس. فشركتنا نحن بعضا مع بعض هي بواسطة الروح، والرب نفسه يباركنا بكل بركة روحية ويعطينا نعمة وقوة لتحمل تجارب الحياة وصعابها. وها إننا ننتظر على أحر من الجمر ليأخذنا إليه أو يأتي هو إلينا.

نحن أشبه بفتاة مخطوبه إلى شاب تحبه ولكن المسافة تفصل بينهما. فالمحبة الشديدة التي تربط قلبيهما تجعلهما يتطلعان بشوق إلى يوم اللقاء والشركة الدائمة. ولكن بالرغم من فرح الانتظار، يعلم كلاهما أن الموت سيفصلهما في المستقبل. إنما قضيتنا نحن المؤمنين مع مخلصنا المبارك هي على خلاف ذلك، لأنه قهر الموت بنفسه فليس هناك شيء يفصلنا عنه أو يعطل شركتنا معه إلى أبد الآبدين. سنفرح فرحاً عظيماً بالأمجاد المعدة لنا. أليس هذا مدهشاً!؟