العودة الى الصفحة السابقة
كيف ننجوا من سلطان الشيطان

كيف ننجوا من سلطان الشيطان

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو الإنقاذ من سلطان الشيطان.

عندما ظهر الرب يسوع المسيح لشاول الطرسوسي في طريقه الى دمشق سقط شاول أمام لمعان نوره الإلهي على الأرض فقال له الرب: «قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهذَا ظَهَرْتُ لَكَ، لأَنْتَخِبَكَ خَادِمًا وَشَاهِدًا بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ، مُنْقِذًا إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ، لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ، حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيبًا مَعَ الْمُقَدَّسِينَ» (أعمال 16:26 – 18) فكما يتضمن خلاص الله «غفران الخطايا» و«الميلاد الثاني» كذلك يتضمن «الإنقاذ من سلطان الشيطان».

ويكشف لنا إشعياء النبي الستار عن سر سقوط الشيطان قائلاً: «كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ» (إشعياء 12:14 – 14).

فإبليس قال في قلبه أن يرفع كرسيه فوق كواكب الله، ويصير مثل العلي، ولكنه بدلاً من أن يصير مثل العلي سقط من مركزه الكبير وأصبح عدواً لله، وأسقط معه جمهوراً من الملائكة.

وبهذا العصيان أعلن استقلاله عن خالقه، واعتماده على ذاته لقد كان عصيانه تمرداً صريحاً ضد حكمة الله.

وبغير شك أنه عندما سمع الإنسان لصوت الشيطان، أخضع نفسه لتأثيره، وأصبح تحت حكمه وسلطانه.

لقد نقل ولاءه من الله إلى الشيطان، وبهذه الكيفية سلم الإنسان الأرض التي سلطه عليها الله للشيطان. ومن ذلك الوقت صار الإنسان جزءاً من الحكومة المعادية لله.

ولم يعارض الرب يسوع المسيح إدعاء الشيطان في سيادته على ممالك المسكونة، لأن هذه الممالك صارت للشيطان حين أخضع الإنسان نفسه لحكمه، ولهذا يكتب يوحنا الرسول قائلاً: «الْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ» (1يوحنا 19:5).

ويطلق الكتاب على الشيطان عدة تسميات فهو «سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ» (كولوسي 13:1)، و«الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ» و«ِإبْلِيسَ» (رؤيا 9:12) و«الْمُشْتَكِي عَلَى الإخوة» (رؤيا 10:12) و«قَتَّالاً لِلنَّاسِ» (يوحنا 44:8).

وينبغي أن لا يغرب عن ذهننا أن الشيطان مخلوق كامل الجمال، وأنه يستطيع حتى بعد سقوطه أن يغير شكله إلى شبه ملاك نور (2كورنثوس 14:11)، ولذا فليس بغريب أن يجعل من أولئك الذين يخضعون لنفوذه أناساً مهذبين، مؤدبين، مثقفين، لطفاء، ليظهروا كاملين في أعين الناس، كما يقول بولس الرسول: «فَلَيْسَ عَظِيمًا إِنْ كَانَ خُدَّامُهُ أَيْضًا يُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ» (2كورنثوس 15:11).

والصورة ترينا ماذا يفعل الشيطان حين يمتلك الإنسان، إنه يصيبه بالجنون ويعريه من الفضيلة، ويجعل مسكنه مع الموتى في القبور، ولا يستطيع أحد أن يقيّده أو يحد من عدوانه.

ولأن الشخص الذي نال خلاص الله قد خرج من منطقة نفوذ الشيطان، إذن لا بد أن يتوقع صراعاً مريراً مع قوات الظلام، فسيحاول الشيطان أن يحاربه بمختلف الأساليب، تارة بالزئير المخيف (1بطرس 8:5)، وتارة بخداع الحية الناعمة (2كورنثوس 3:11)، وتارة بخدامه الذين يغيرون شكلهم كخدام للبر (2كورنثوس 15:11)، وتارة بالمكايد (أفسس 11:6)، وتارة بالسهام الملتهبة (أفسس 16:6)، وحين يفشل في حيله يمتلئ غيظاً فيدخل مع المؤمن في صراع سافر يعبئ له كل قوى الشر.

فتعال معي لتسمع كلمات بولس الرسول وهو يقول للقديسين في أفسس «أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ» (أفسس 10:6 – 18).

إن صراع المؤمن مع الشيطان وجنوده صراع جبار، ولكن الحرب فيه للرب كما قال موسى في القديم وهو يرى الشعب الخائف من فرعون وجنوده المركبية «لاَ تَخَافُوا. قِفُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ الَّذِي يَصْنَعُهُ لَكُمُ الْيَوْمَ... الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ» (خروج 13:14 و14).

إن طريق النصرة على الشيطان في هذه الآية:

هو أن تثق في دم يسوع: «وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ» (رؤيا 12: 11). فعندما يأتي إليك الشيطان ليذكرك بخطاياك الماضية، اهتف في وجهه أن دم يسوع المسيح قد طهرك من كل خطية.. وفي حياتك اليومية عش بالقرب من الينبوع المفتوح، ينبوع دم الحمل لتعيش منتصراً.

كن مكرساً بالتمام «وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ» (رؤيا 12: 11). هذا هو التكريس الكامل للرب… وبهذا التكريس تنتصر.

والآن ما هو موقفك بعد أن عرفت هذه الحقائق؟ هل ستستمر في صداقتك للشيطان وعدائك لله؟ إن الشيطان يكرهك.. إنه عدوك الأكبر الذي يريد لك الهلاك.. بينما الله يحبك وقد بين محبته لك بموت المسيح لأجل خطاياك.

مد يدك وصافح يده الممدودة لمصالحتك، فالنداء الذي ينادي به كل خدام الله الأمناء للخطاة المعادين لله هو: «تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ» (2كورنثوس 20:5).

واحذر أن تستمر في عدائك لخالقك.. وفي عناد قلبك لئلا تقضي أبديتك مع الشيطان في الجحيم.