العودة الى الصفحة السابقة
ماذا يعني أن أكون مسيحيا؟

ماذا يعني أن أكون مسيحيا؟

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو ماذا يعني أن أكون مسيحيا؟

علينا أن نجيب عن هذا السؤال: «ماذا يعني أن أكون مسيحيا؟». إن الإنسان فاسد بطبيعته وقد تلوث قلبه وفكره وسلوكه، لم يمر الكثير من الوقت حتى قام قايين وقتل أخاه هابيل. إذ كل محاولات الإنسان الدينية، وحتى الصادقة منها، ستكون ملوثة بتلوث طبيعته فأساس المشكلة لا يكمن في الزمان أو في الظروف أو في التعاليم المتنوعة، بل في داخل الإنسان، في قلبه وطبيعته الساقطة. ولا حل للظلمة من دون النور، ولا مسيحية بلا مسيح، والموت يجب أن يسبق الحياة، ولا توبة قبل الاعتراف بالواقع الأليم والإيمان بالمخلص الوحيد.

تبدأ المسيحية بعملية جراحية روحية لتبديل القلب، حيث يولد الإنسان ولادة جديدة فيختبر الخلاص، ما قاله يسوع لنيقوديمس الشيخ هو البداية، «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ» (يوحنا 3:3). هذه الولادة الروحية الجديدة تشمل جميع الأمور، «إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا» (2كورنثوس 5: 17).

ولادة جديدة تعني انتماء جديد وولاء جديد، ولادة جديدة تعني بداية صراع وخلاف مع كل ما هو قديم، ومع كل من لا ينسجم مع هذه الحياة الجديدة. ولادة جديدة تعني العودة إلى المسيح الحي والعودة لعبادته بالحق وخدمته من كل القلب. إنها عودة الخروف الضال إلى رعية المسيح الصغيرة. عند إتمام هذه الولادة فقط، يصبح حمل الصليب وإتباع المسيح أمراً طبيعياً. لأن هذه الولادة هي بداية عملية تحول متتالية ومتصاعدة.

المولود الجديد يعني صاحب هوية جديدة. هو غريب ونزيل في أرض يحكمها الشر. وهذا المولود هو مخصص ومكرس للرب الذي اشتراه. صحيح أنه لا يملك الكثير هنا، لكنه غني في المسيح ووارث معه. عندما يمتحن الإنسان المخلص والصادق دوافعه وأولوياته ومدى حبه لوصايا الرب وحفظه لها، عندها يستطيع أن يدرك إن كان قد حصل على الحياة الجديدة مع المسيح.

إذا تمت هذه الولادة الروحية الجديدة، أين وماذا يأكل هذا الطفل؟ وعلى ماذا يتغذى لكي يصبح شخصاً ناضجاً؟ كيف يعبد الرب ويخدمه ويحبه من كل قلبه ونفسه وفكره؟ ليس صعباً على المولود الجديد أن يجيب عن هذه الأسئلة أبدا، لكن من المستحيل، لمن ليس له شركة حقيقية مع المسيح، أن يكون قد أختبر الولادة الجديدة. الكبرياء هي أبشع الخطايا بحسب تصنيف الكتاب المقدس. من يتكبر ويتجبر ويصر على أن يكون مسيحيا على هواه، سيخجل ويخسر، وسيسمع صوت المسيح في ذلك اليوم العظيم المخيف يقول له، «ليس كل من يقول لي: يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماوات» (متّى 21:7).

المسيحية ليست خارطة طريق تصل بمن يسلكها بالنهاية إلى الخلاص. فاختبار الولادة الجديدة، والسيادة الجديدة، والقوة الجديدة هو اختبار الخلاص الذي أعده وأكمله الرب يسوع وحده على الصليب في الماضي البعيد، هذا الخلاص الذي تم، هو مقدم مجاناً لكل من يؤمن. وقد تبرهن سابقاً بأن لا أحد يستطيع أن يشتري هذا الخلاص بأعمال صالحة مهما كانت عظيمة، ولا أحد يستطيع أن يبيعه بشروط معينة مهما كانت سامية أو تقوية اختبار الخلاص هو اختبار، وليس عملاً أو جهداً أو طريقاً أو مهمة إنه اختبار النعمة المجانية، وبداية رحلة أبدية ثابتة باتجاه الموطن النهائي السماوي. ولأن الرب هو الذي عمل الخلاص، من البداية حتى النهاية، «للرب الخلاص» (يونان 9:2)، فاختبار الخلاص يصبح عبارة عن قبول هذا العمل بالإيمان فقط، والعيش بحسب هذا الإيمان المرفق بالتأكيد والثقة والسلام منذ اللحظات الأولى له. هو اختبار كل إنسان آمن بالرب يسوع المسيح وبعمله الكفاري البديلي، فتصالح مع الله وخلص من الغضب الآتي ومن عقاب الخطية، هو خلاص من الدينونة الرهيبة وتأكيد الحصول على الحياة الأبدية مع المسيح على الأقل بشهادتين. واحدة من الداخل، بواسطة الروح القدس الذي يشهد لنا أننا صرنا أولاد الله، والثانية من الخارج، بواسطة السلوك الجديد المحرر والمقدس الذي يشهد عن الإيمان الحي.

إن نفوس البشر غالية جداً على قلب الله. من يريد النجاة في عالم مليء بالبدع ومحكوم بالظلام، عليه أن يسمع لصوت الله: «أَيُّهَا الْعِطَاشُ جَمِيعًا هَلُمُّوا إِلَى الْمِيَاهِ، وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ فِضَّةٌ تَعَالَوْا اشْتَرُوا وَكُلُوا. هَلُمُّوا اشْتَرُوا بِلاَ فِضَّةٍ وَبِلاَ ثَمَنٍ خَمْرًا وَلَبَنًا.لِمَاذَا تَزِنُونَ فِضَّةً لِغَيْرِ خُبْزٍ، وَتَعَبَكُمْ لِغَيْرِ شَبَعٍ؟ اسْتَمِعُوا لِي اسْتِمَاعًا وَكُلُوا الطَّيِّبَ، وَلْتَتَلَذَّذْ بِالدَّسَمِ أَنْفُسُكُمْ. أَمِيلُوا آذَانَكُمْ وَهَلُمُّوا إِلَيَّ. اسْمَعُوا فَتَحْيَا أَنْفُسُكُمْ. وَأَقْطَعَ لَكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا، مَرَاحِمَ دَاوُدَ الصَّادِقَةَ» (إشعياء 1:55-3). من يبحث بصدق عن الطريق والحق والحياة، لا يتبع إلا شخص يسوع المسيح، ولا يتمسك إلا بكلامه، له المجد وحده إلى الأبد.