العودة الى الصفحة السابقة
معنى الغفران

معنى الغفران

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو معنى الغفران.

بعد أن شُفي حزقيا الملك من مرضه الخطير بقوة الصلاة، كتب كتابة جميلة سجل فيها هذه الكلمات: «هُوَذَا لِلسَّلاَمَةِ قَدْ تَحَوَّلَتْ لِيَ الْمَرَارَةُ، وَأَنْتَ تَعَلَّقْتَ بِنَفْسِي مِنْ وَهْدَةِ الْهَلاَكِ، فَإِنَّكَ طَرَحْتَ وَرَاءَ ظَهْرِكَ كُلَّ خَطَايَايَ» (إشعياء 17:38) قال أحد خدام الله المعروفين ويدعى مودي: هناك طريقان لستر الخطية – طريقان فقط – «طريق الله» و«طريق الإنسان» ومنذ ستة آلاف سنة والإنسان يحاول أن يستر خطاياه ولكنه لم يفلح في هذا الأمر. لقد حاول آدم أن يستر خطيته في جنة عدن بأوراق التين، وباختبائه وراء الأشجار، وحاول ذلك قايين ابنه خارج الجنة، والبشر على مر العصور يحاولون ستر خطاياهم، ويمكنك أن ترى هذه المحاولات في جميع الطبقات بغير استثناء، إنك تراها في الطبقات الدنيا، وفي الطبقات العليا... في الملوك على عروشهم، والكهنة وراء المذابح، والأنبياء والفلاحون، والأغنياء، والفقراء... إنهم جميعاً يحاولون ستر خطاياهم... بعضهم يختبئ وراء شجرة الآداب، وبعضهم يختبئ وراء شجرة التدين الكاذب، وبعضهم يختبئ وراء شجرة الثقافة والعلم، إنهم جميعاً يحاولون ستر خطاياهم، وكلهم قد فشلوا في محاولاتهم فشلاً ذريعاً، إذ لا يوجد إنسان قد نجح في ستر خطيته عن عيني الله، وفوق ذلك فإننا نقرأ كلمات الكتاب المقدس القائلة: «مَنْ يَكْتُمُ خَطَايَاهُ لاَ يَنْجَحُ» (أمثال 13:28).

وليس عندي أدنى شك في أن السبب الذي من أجله يعيش الكثيرون حياة مضطربة، عاصفة هو أن هناك خطية لعينة في حياتهم، وهذا الحديث ليس للأشخاص العالميين فقط، بل هو حديث موجه إلى أعضاء الكنائس الإسميين.

لماذا نجد الكثيرين ، لصوصاً، ومرتشين، وزناة، وسكيرين؟! إن السبب هو أنهم يحضرون الكنيسة ويجلسون لسماع الكلمة ، ويسمعون كثيراً من المواعظ ضد الخطية، لكن قلوبهم لا تتأثر، وهم ينسون أن عندهم خطايا يجب أن يتوبوا عنها، ولذا فإنهم يعيشون على مقاعد الكنائس وهم خطاة.

إن النفس لا يمكن أن تكون متمتعة بالصحة الروحية طالما كانت تحتفظ بخطية. إن الخطية مادة غريبة عن النفس، إنها تماماً كرصاصة تدخل الجسم، فالجسم لا يستطيع أن يكون صحيحاً طالما به هذه الرصاصة.

إن الله لا يريد أن ينتعش الشرير لأنه قال: «وَيْلٌ لِلشِّرِّيرِ. شَرٌّ! لأَنَّ مُجَازَاةَ يَدَيْهِ تُعْمَلُ بِهِ» (إشعياء 11:3).

عندما يكون الشخص مستعداً للإقرار بخطاياه وتركها، عندئذ يسترها الله، وعندما يستر الله خطية إنسان فلن يراها أحد أو يجدها لا في الزمان الحاضر ولا في الأبدية.

لو أن الله يطرح الخطايا وراء ظهر المؤمن، إذن لاستطاع أصغر شيطان أن يجدها قبل ذهابه إلى فراشه، ولاستطاع أن يزعج المؤمن كل الإزعاج، ولكن شكراً لله إن الشيطان لا يستطيع أن يذهب وراء ظهر القادر على كل شيء.

ويقيناً أن التعبير «وراء ظهرك» هو تعبير مجازي يقصد به أن الله من فرط محبته لنا في المسيح، وضع كل خطايانا في مكان لا يعود يراها فيه أبداً. ونذكر هنا عبارة «كل خطاياي» فالله يطرح «كل خطايا» المؤمن بالرب يسوع المسيح وراء ظهره، وليس معظمها، ولا بعضها... بل كلها. مبارك اسمه إلى الأبد.

معنى هذا أن الله يمحو خطايا المؤمن كما تُمحى السحابة السوداء.

أعطى الله الوعد المبارك في سفر إشعياء «قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ» (إشعياء 22:44).

إن الخطية كالسحابة السوداء تفصل الإنسان عن الله ولذلك يسجل إشعياء هذه الكلمات: «هَا إِنَّ يَدَ الرَّبِّ لَمْ تَقْصُرْ عَنْ أَنْ تُخَلِّصَ، وَلَمْ تَثْقَلْ أُذُنُهُ عَنْ أَنْ تَسْمَعَ. بَلْ آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلهِكُمْ، وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ. لأَنَّ أَيْدِيَكُمْ قَدْ تَنَجَّسَتْ بِالدَّمِ، وَأَصَابِعَكُمْ بِالإِثْمِ. شِفَاهُكُمْ تَكَلَّمَتْ بِالْكَذِبِ، وَلِسَانُكُمْ يَلْهَجُ بِالشَّرِّ. لَيْسَ مَنْ يَدْعُو بِالْعَدْلِ، وَلَيْسَ مَنْ يُحَاكِمُ بِالْحَقِّ. يَتَّكِلُونَ عَلَى الْبَاطِلِ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِالْكَذِبِ. قَدْ حَبِلُوا بِتَعَبٍ، وَوَلَدُوا إِثْمًا. فَقَسُوا بَيْضَ أَفْعَى، وَنَسَجُوا خُيُوطَ الْعَنْكَبُوتِ. الآكِلُ مِنْ بَيْضِهِمْ يَمُوتُ، وَالَّتِي تُكْسَرُ تُخْرِجُ أَفْعَى. خُيُوطُهُمْ لاَ تَصِيرُ ثَوْبًا، وَلاَ يَكْتَسُونَ بِأَعْمَالِهِمْ. أَعْمَالُهُمْ أَعْمَالُ إِثْمٍ، وَفَعْلُ الظُّلْمِ فِي أَيْدِيهِمْ. أَرْجُلُهُمْ إِلَى الشَّرِّ تَجْرِي، وَتُسْرِعُ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ الزَّكِيِّ. أَفْكَارُهُمْ أَفْكَارُ إِثْمٍ. فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ. طَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ، وَلَيْسَ فِي مَسَالِكِهِمْ عَدْلٌ. جَعَلُوا لأَنْفُسِهِمْ سُبُلًا مُعْوَجَّةً. كُلُّ مَنْ يَسِيرُ فِيهَا لاَ يَعْرِفُ سَلاَمًا» (إشعياء 1:59 – 8).

هذه هي الخطية وهي تشوه شخصية الإنسان، وتحرمه من معرفة طريق السلام، ولكن عندما يأتي الإنسان تائباً، واثقاً فيما عمله الرب يسوع المسيح لأجله على الصليب، فإن الله يغفر خطيئته، بمعنى أنه يمحوها كما تمحى السحابة الكثيفة السوداء، ولا تكون هناك سحابة بينه وبين السماء... بينه وبين وجه الآب الحنون البسام!!

إنك قد ترى غيمة في المساء ثم تستيقظ في الفجر فلا تجدها. هل في قدرتك أن تجد الغيمة الذاهبة؟! يقيناً: لا! ربما تكون هناك غيوم أخرى لكن الغيمة التي ذهبت لن تعود للظهور مرة أخرى في تاريخ البشرية، والله يقول: إنه محا خطية المؤمن كما تمحى الغيوم السوداء، والسحب الكثيفة... وهكذا يشرق علينا بنور وجهه بعد أن يمحو خطايانا بدمه كما تُمحى الغيوم.

أفلا تفرح وتبتهج بهذا أيها المؤمن المحبوب؟!