العودة الى الصفحة السابقة
المعنى الأول للخلاص هو غفران الخطايا

المعنى الأول للخلاص هو غفران الخطايا

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو: المعنى الأول للخلاص هو غفران الخطايا.

يقيناً أن أول ما يهم الخاطئ الذي استيقظ ليرى نجاسة شفتيه، وشر قلبه، واستحقاقه للهلاك الأبدي هو أن يتيقن أن الله في نعمته قد غفر كل خطاياه.

فالخطية ثقل رهيب على النفس التي تستيقظ لتحس بها، وكل إنسان لا بد أن يستيقظ في يوم ما ويشعر بثقل خطاياه.

إصغ مستمعي الكريم إلى قايين بعد أن واجهه الله بخطيته الرهيبة وهو يقول: «ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ» (تكوين 13:4).

واستمع إلى أيوب في عمق تجربته وهو يذكر آثامه مردداً «لأَنَّكَ كَتَبْتَ عَلَيَّ أُمُورًا مُرَّةً، وَوَرَّثْتَنِي آثَامَ صِبَايَ» (أيوب 26:13).

وأنصت إلى داود وهو يحس بعظم آثامه فيقول: «لأَنَّ آثامِي قَدْ طَمَتْ فَوْقَ رَأْسِي. كَحِمْل ثَقِيل أَثْقَلَ مِمَّا أَحْتَمِلُ» (مزمور 4:38).

وانتبه إلى كلمات إشعياء بعد أن رأى رب الجنود، فرأى آثامه وهو يقول: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ، وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ» (إشعياء 5:6).

إن الخطية هي سر قلق النفس البشرية، والإنسان الخاطئ غير المغفور الإثم هو إنسان شقي، تعس، مضطرب، يربض الخوف في أعماق قلبه، ولو بدأ سعيداً أمام الآخرين، يقض مضطجعه الإحساس بثقل آثامه وبشاعة خطاياه، ولذا فإنه لا توجد بركة يتمتع بها إنسان يعيش على هذه الأرض تفوق بركة غفران الخطايا . يرنم داود النبي في المزمور قائلاً: «طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُل لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً» (مزمور 1:32 و2).

ذات يوم كان المسيح له المجد في زيارة رجل فريسي، وجاءت إليه امرأة خاطئة، عرفت في مدينتها بسوء سمعتها، ونجاسة حياتها، جاءت بعد أن أتعبتها الخطية ولوثت كيانها، وحطمت شخصيتها، تطلب الراحة والغفران، ويسجل لوقا البشير هذه الحادثة في هذه الكلمات: «وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلاً: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ». فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَاسِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ، يَا مُعَلِّمُ». «كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ:«بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ». ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: «أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلاً». ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ». فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: «مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟». فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ» (لوقا 36:7 – 50).

والقصة ترينا امرأة حزينة على خطاياها، نادمة على نجاساتها الكثيرة، تحس إحساساً عميقاً بثقل أوزارها... وإذ بالرب الذي يعرف القلوب يخلصها من هذا الحزن، وذلك الإحساس فيقول لها: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ... إيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ» (لوقا 48:7 و50) وفي هذه الكلمات نرى بوضوح «الخلاص: بمعنى غفران الخطايا»، فعندما ينال الإنسان خلاص الله، يغفر الله خطاياه.

اذاً ماذا يعني غفران الخطايا؟

غفران الخطايا يعنى إن الله يمحو خطايا المؤمن بالرب يسوع المسيح كما تُمحى السحابة الثقيلة.

إن الله يبعد خطايا المؤمن بالرب يسوع المسيح عن مرتكبها كما أبعد المشرق عن المغرب.

من بين القصص التي ذكرها أحد خدم الله الأتقياء قصة عن شاب نال خلاص الله، ومن فيض الفرح الذي امتلأ به كان كثير الحمد والترنيم، فاعتقد أفراد أسرته أنه قد أصيب باختلال في قواه العقلية، فأخذوه بالرغم منه إلى طبيب للأمراض النفسية.. وضعه الطبيب في مستشفاه في غرفة وحده.. وأبعد عنه الكتاب المقدس وكتب الترنيم، وأعطاه كتاباً من كتب «الجغرافيا».

وشرع الشاب يقرأ ذلك الكتاب، وفجأة سمع الطبيب صوته وهو يهتف ويرنم بصوت عظيم، فأسرع إليه يسأله عن سبب هتافه. فأجاب. لقد قرأت في كتاب الجغرافيا هذا بأنه يوجد أماكن في البحار العظمى لم يقدر البشر أن يعرفوا أعماقها بمقاييسهم، وذكرني هذا بالوعد الإلهي المبارك «وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ» (ميخا 7: 19) فقلت في نفسي إذا كان في البحار أماكن لم يتوصل الباحثون إلى أعماقها بواسطة مقاييسهم. فكم بالحري تكون أعماق بحار نعمة الله الغنية، هذا معناه أن الله طرح جميع خطاياي في مكان لن تطفو منه أبداً. لهذا أنا أهلل، وأفرح، وأرنم... وأشكر الله.. فهل حصلت أنت عزيزي المستمع على هذا اليقين البهيج أترك الجواب لك؟!