العودة الى الصفحة السابقة
صحة الكتاب المقدس

صحة الكتاب المقدس

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو صحة الكتاب المقدس.

هل الكتاب المقدس الذي بين أيدينا هو كتاب الله، أم هو مؤلف بشري؟ هل وصلت إلينا كلمة الله عبر القرون والأجيال صحيحة أم عبثت بها الأيدي؟ هل فقدت بعض أجزائها أم إستطاع الله الذي أوحى بها أن يحفظها من الضياع والتلف؟

مثل هذه الأسئلة الجادة لا بد أنها تشغل فكر كل شخص مخلص يبحث عن الحق ويبحث عن خلاص نفسه. فإنه لو تزعزع يقيننا في الكتاب المقدس، فإن كل ما تعلمناه من هذا الكتاب يصبح كبناء بغير أساس.

هل الكتاب المقدس موحى به من الله؟

إن النسخ المكتشفة في بقاع العالم المختلفة، وعلى مدى السنين المتعاقبة، والتي تُعد بالمئات، عند مقابلتها معاً وجدت متطابقه مئة بالمئة. ولقد قام بعض العلماء بمراجعة ما يزيد عن خمسمائة من هذه النسخ، فوجدت في تمام المطابقة، رغم تباعد البلدان التي إكتشفت فيها، وتباعد الأزمنة التي ترجع إليها، مما يثبت صحتها جميعاً.

لكن وللأسف في هذه الأيام نسمع الكثير من الانتقادات من غير المسيحيين الذين يقولون بأن كتابنا المقدس قد تم تحريفه غير مقدمين أي دليل يدعم افتراءاتهم وتطاولهم على كتابنا المقدس ولهم نقول متى حُرف الكتاب المقدس ومن حرفه وأي دليل لديكم على ادعاءاتكم؟

عزيزي المستمع لقد تُرجم الكتاب المقدس إلى لغات عديدة إعتباراً من القرن الثاني الميلادي فصاعداً، وإنتشر في العديد من ربوع الأرض كلها. فهل كان هناك من يستطيع أن يصل إلى كل هذه النسخ الموجودة في العالم أجمع ليحرفها، ثم إلى المؤلفات المقتبسة من الكتاب المقدس ليجري فيها نفس التحريف ثم يصل إلى اليهود ليجري في توراتهم التزوير عينه؟!

دعونا نتسائل من الذي قام بالتحريف؟

هل يعقل أن يكون اليهود هم الذين حرفوها بالتأكيد لا وإلا لكانوا بالأولى أزالوا منها الويلات الموجهة إليهم بإعتبارهم شعب صلب الرقبة، ولكانوا بدلوا الأحداث التي تسيء إلى أنبيائهم. بل ولكانوا أزالوا من توراتهم الآيات والنبوات التي تتحدث عن صلب المسيا (المسيح) وموته وقيامته. لا سيما مزمور 22، وإشعياء 53، لأنهم لا يؤمنون بذلك وتسبب لهم هذه الأقوال مشاكل هم في غنى عنها طالما كان مبدأ التحريف وارداً.. كما أنه لا يعقل أن يكون المسيحيون هم الذين زوروها، لأنهم في هذه الحالة كانوا سيصطدمون مع أعدائهم التقليديين (أعني اليهود)، فالتوراة التي عندهم هي نفسها التي عند اليهود.

ونتسائل لماذا يحدث التزوير آو التحريف كما يدعون؟

إنه أمر معقول أن يزوّر الإنسان شيئا ليجني من وراء تزويره هذا مغنماً معيناً، أو لينجو بواسطته من خطر ما. أما أن يكذب الإنسان وهو عالم أن تزويره هذا لن يعطيه تاجاً بل صليباً، لا نعيماً بل إضطهاداً، فهذا ما لا يقبله العقل. إن الآلاف من الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الكتاب المقدس، بالتأكيد ما كانوا ليفعلوا ذلك لو كان هذا الكتاب مجرد أكذوبة.

لقد إكتشفت عشرات الآلاف من المخطوطات القديمة للكتاب المقدس، دون أن يعثر أحد على نسخة واحدة مخالفة لما بين أيدينا. أليس هذا يدحض تماماً الزعم بتزوير الكتاب، ويؤكد هذه الحقيقة المنطقية أن الله الذي أعطى الكتاب هو قادر أن يحافظ عليه!

لقد رتبت العناية الإلهية مؤخراً اكتشافا مباركاً عُرف باكتشاف قمران.

وقمران هذه بقعة تقع بالطرف الشمالي الغربي للبحر الميت وحدث في ربيع عام 1947 أن كان غلام أعرابي يرعى غنمه في المراعي القريبة منها، فضلت واحدة من اغنامه. ولما قذف بحجر وهو يبحث عن خروفه الضال، سقط الحجر على شيء بداخل كهف محدثاً دوياً عالياً ودفع الفضول ذلك الراعي لكي يعرف سر الصوت. ولما دخل الكهف وجد إنائين من الفخار بهما مخطوطات قديمة لم يستطع قراءتها. وكانت المخطوطات مصنوعة من جلد رقيق موصولة معاً وعددها 11 مخطوطة.

وبعد محاولات كثيرة لبيع تلك المخطوطات، إشتراها أحد التجار في القدس نظير جنيهات قليلة. ثم قام ببيع ستة منها لأستاذ في الجامعة العبرية، والخمسة الباقية لرئيس أساقفة دير القديس مرقس السرياني الأرثوذكسي، الذي أرسل تلك المخطوطات إلى المعهد الأمريكي للدراسات الشرقية بالقدس، فتبين أنها نسخة كاملة من سفر إشعياء وأن الحروف التي كتبت بها المخطوطات ترجع إلى ما قبل سنة 100 ق.م، أما الكتان الذي كان يغلف المخطوطات فلقد أرسل إلى معهد الدراسات النووية بشيكاغو بأمريكا، وبإستخدام مقياس جيجر وجد أنه يرجع إلى زمن ما بين سنة 167 ق.م. و233 م.

على ضوء هذه النتيجة ذهبت بعثة للتنقيب في هذه المنطقة، فتوالت إكتشافات مزيد من هذه الكهوف. وفي عام 1957 إكتشف 11 كهفاً أخرى في نفس المنطقة تحوي 400 مخطوطة وفي الكهف الرابع وحده وجد أكثر من عشرة آلاف قصاصة من مخطوطات متعددة غطت أجزاء لأسفار العهد القديم كله، عدا سفر واحد هو سفر أستير.

وعندما قورنت المخطوطات المكتشفة والكاملة لسفر إشعياء مع السفر الذي بين أيدينا كلمة بكلمة، وجد أنه لا إختلاف فيها على الأطلاق.

مجداً لله.. «إِلَى الأَبَدِ يَا رَبُّ كَلِمَتُكَ مُثَبَّتَةٌ فِي السَّمَاوَاتِ. إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ أَمَانَتُكَ» (مزمور 89:119، 90).