العودة الى الصفحة السابقة
الزواج في المسيحية

الزواج في المسيحية

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو الزواج في المسيحية.

الزواج أو البيت هو أهم مؤسسة على الأرض. فهو نواة المجتمع وعليه تقوم الدولة. ومعنى هذا أنه كما يكون البيت هكذا يكون المجتمع، فالمجتمع الصالح هو برهان البيت الصالح والمجتمع الفاسد هو برهان البيت الفاسد والمفكك.

الكثيرون أخذوا مفاهيمهم عن الزواج والعائلة من مصادر مغلوطة ومبادئ وفلسفات ملتوية. فقد أخذها بعضهم من الأفلام السينمائية وبعضهم الآخر من التلفزيون، وبعضهم الآخر أيضاً من المجلات والكتب والمطبوعات الرخيصة اللاأخلاقية!

الزواج عزيزي المستمع هو بين رجل واحد وأمرأة واحدة، لا بين رجل واحد وعدة نساء ولا بين رجل وآخر أو بين إمرأة وأخرى. فهذه البدائل هي شر فظيع في عيني الله لأنها خروج على قاعدته. فالله خلق في البدء رجلاً واحد إسمه آدم، ومن آدم صنع إمرأة واحدة إسمها حواء ولهذا تقول كلمة الله كما أوردنا قبل قليل «يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ» (تكوين 2: 24) لا بصاحبته ولا بزوجة جاره أو زميلته في العمل بل بإمرأته. ومن يخالف هذا الترتيب يخالف ترتيب الله، ويعرّض نفسه لدينونة الله وغضبة. «وَأَمَّا الْعَاهِرُونَ وَالزُّنَاةُ فَسَيَدِينُهُمُ اللهُ» (عبرانيين 13: 4).

وما لم يكن الزوج والزوجة قابلين لوجود الله في حياتهما اليومية فإن نعمة الزواج ستبقى موهبة غير مستغلة، وستبقى غير ذي فائدة مثلها مثل حقول البترول الغير مستغلة ومن ناحية أخرى فإن القوة الكامنة في هذه النعمة هي كبيرة، توازي القوة الكامنة في الأرباح التي تجنيها من هذه الحقول. فالزوج والزوجة اللذان يتعاونان مع الرب في الزواج سيجدان أن نعمته تكفي لمواجهة التجارب والمحن التي قد يصادفانها. وبهذه الطريقة يستطيع الزوجان أن يجسدا مهمة الزواج وان ينمو حقاً بالقداسة وسبل الكمال المسيحي. فيجدان الله ويظهران عظمته لكافة البشر وبعد حياتهما على الأرض يكونان مستعدين لدخول فرح الملكوت السماوي.

الزوج وزوجته «جسد واحد»، فكل ما يفعله لزوجته سيعود إليه في صورة بركة «مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ» (أفسس 28:5). فالحب الذي يمنحه الزوج لزوجته سيرجع إليه عن طريقها. وإذا إدعى إنسان أنه لا يحصد بركات روحية عن طريق زوجته فما هذا إلا لأنه لم يزرع لها شيئاً، وعلى مثل هذا أن يفحص نفسه، لأن «الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا» (غلاطية 6: 7).

للزوج وللزوجة أعطى الله البنين. فقد بارك الله البشر «وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ» (تكوين 28:1). وتكرر هذا الأمر أكثر من مرة. ولقد قصد الله أن يكون الأولاد بركة للبيت، لا عبئاً عليه، أو نيراً ليحمله. ليست الأبوة أو الأمومة إستشهاداً، «فالْبَنُونَ مِيرَاثٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، طُوبَى لِلَّذِي مَلأَ جَعْبَتَهُ مِنْهُمْ» (مزمور 127 : 3 و5).

يقضي الكثيرون من الوالدين شهوراً وسنوات للتدقيق في إختيار ما يلزم لتأثيث منزل جميل، دون أن يقضوا أي وقت لجعل ذلك المنزل بيتاً. نهم يحرصون على أن يكون لون غطاء الكراسي منسجماً مع لون السجاجيد، وألا يتنافر هذا مع لون الأثاث. ووسط كل هذه الجهود التي تُبذل في إختيار أثاث البيت فإنه لا يُبذل أي جهد لإختيار الألفاظ التي تعبر عن المحبة والعطف واللطف.

إنهم يحرصون على أن يكون كل شيء في موضعه، فهنالك موضع لكل شيء، لكن لا موضع لله. وبعد بضع سنوات من بناء المنزل نقف في وسطه ونجد أن محاولة ربط الأطراف المتنافرة في الأسرة قد فشلت. لقد بنينا منزلاً وأثثناه، لكننا فشلنا في بناء أسرة.

رغم وجود عشرات الألوف من الكتب والنصائح عن «سر البيت السعيد» فإننا نعتقد بأن أفضل نصيحة هي التي دونت منذ مئات السنين على صفحات الكتاب المقدس: «إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ، فَبَاطِلاً يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ» (مزمور 1:127). إذاً فهنا نجد السر، وهو أن البيت يجب أن يبنيه الرب. إن الكتاب المقدس هو كتاب العائلات، وقد كتب عن العائلات من أجل العائلات. فيه يحقق الله كل إعواز البيت (الأسرة) - بيتك أنت بالذات. فيه نجد الحل الذي يقدمه الله لكل مشاكل الأسرة - أسرتك أنت بالذات.

لن يوجد كتاب أكثر سلطة ونفوذاً يقدر أن يشخص أعراض مرض البيت المريض، ويصف له الدواء المناسب، أفضل من كتاب الله.

لن توجد هيئة يمكنها أن تساعدك لجعل بيتك أقدس مكان على الأرض أفضل من كنيسة يسوع المسيح.

نعم أيها الآباء والأمهات، إن المكان الذي تعيشون فيه أنتم وعائلاتكم، يمكن أن يكون أفضل من منزل. إنه يمكن أن يكون بيتاً، والأفضل من هذا أن يكون بيتاً مسيحياً، بيتاً يكرم فيه الله، يتشرف بحلول الرب يسوع فيه، وتحل فيه البركات التي لا يمكن أن يمنحها غيره. يمكن أن يكون بيتاً يُقرأ فيه الكتاب المقدس، وتُرفع فيه الصلوات العائلية، بيتاً يحل فيه السلام والوئام، بيتاً يعيش فيه الوالدون لبنيهم، والبنون لوالديهم، والكل لله.