العودة الى الصفحة السابقة
النير غير المتجانس او الزواج المختلط

النير غير المتجانس او الزواج المختلط

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو النير غير المتجانس أو الزواج المختلط.

تقول كلمة الرب: «لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ» (2كورنثوس 14:6). هذه كلمات صادقة. ومع أنها تتضمن علاقات بشرية كثيرة، فإنه يقيناً يدخل ضمنها علاقة الزواج. وهل هنالك إلتزام أقوى من العهد الذي يقطعه كل من الزوج والزوجة على نفسيهما بأن يقبل كل منهما الآخر شريكاً له في الحياة، في السراء والضراء، ويحبه، ويكرمه، ويلاطفه، ويطيعه، إلى آخر نسمة حتى الموت؟

ومهما بدت هذه الكلمات قاسية فإنها مقتبسة من الكتاب المقدس (2كورنثوس 14:6). لم تضعها أية كنيسة بطريقة تعسفية، أو أي خادم من خدام الله، وليست هي من خيال أي شخص متعصب، بل هي من صميم الكتاب المقدس الذي هو كلمة الله. ولذلك فهي تحمل نفس السلطان الذي يحمله الكتاب المقدس. فلذلك إن كنت مسيحياً وتؤمن أن الكتاب المقدس هو كلمة الله فيجب أن تحترم هذه الوصية. لأن الله الذي قال: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ» (أعمال 16: 31)، يقول أيضاً: «لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ». ونفس الكتاب المقدس الذي يتحدث عن الله، والمسيح، والخلاص، والسماء، وجهنم، والكنيسة، هو الذي يشجب تزوج المسيحي المؤمن بغير مسيحية او غير مؤمنة، أو العكس.

ولعل الكلام عن هذا الموضوع يجب أن يكون واضحاً وصريحاً أكثر من أي موضوع آخر. فالكتاب مكتظ بالآيات التي توصي المؤمن بأن لا يتزوج بغير مؤمنة، أو العكس، تحت أي ظرف من الظروف.

ولعل فكرة «النير غير المتجانس» تكون غير واضحة لدى البعض. إذاً يمكن القول بكل تأكيد - بناء على تعاليم الكتاب المقدس الكثيرة جداً - إن التزاوج غير المتجانس، أو التودد غير المتجانس، ينشئ نيراً غير متجانس. وهذا النير غير المتجانس خاطئ بصفة دائمة.

أذكروا بأن النير غير المتجانس ليس خاطئاً فقط للأسباب غير الجوهرية التي تردد من وقت لآخر: لأنه يتطلب بعض التوافق الضروري في العادات، والتفكير، أو الجمع بين المتناقضات.

إن النير غير المتجانس خاطئ لأنه يجمع بين شخصين لا يتفقان في أي شيء. فالواحد إبن لله والآخر ليس كذلك. الواحد آمن بإبن الله ونال الخلاص والآخر لم يؤمن بل ينكره ولذلك فهو هالك. الواحد يشتاق إلى أن يعيش للمسيح والآخر لا يقدر لأنه لا يعرف المسيح بل ينكره. الواحد سوف يقضي الأبدية في السماء والآخر سوف يقضيها في جهنم. الواحد يجب أن يكون بيته للمسيح والآخر لا يريد لأنه ببساطة ليس مسيحياً.

أنتم ترون أن السبب ليس فقط لأن الواحد ينتمي للكنيسة والآخر لا ينتمي. لكن الإختلاف الحقيقي والرئيسي هو أن الواحد ولد في أسرة الله بخلاف الآخر.

والكتاب المقدس لا يخفف من حدة الكلام في هذا الموضوع، لكنه يعلن صراحة بأن المؤمن ليست له شركة - روحياً - مع غير المؤمن كما إنه ليست هنالك «خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ»، وليست هنالك «شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ»، وليس هنالك «أَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ (أي الشيطان)» (2كورنثوس 14:6 و15).

ومع أن المؤمن وغير المؤمن يتفقان في أن لهما نفس الجسد، وربما نفس العواطف، لكنهما يختلفان إختلافاً شديداً، فكل منهما مواطن مملكة تختلف عن مملكة الآخر، ويعبد بكيفية تختلف عن عبادة الآخر، ويسير نحو مصير أبدي يختلف عن مصير الآخر. وكما يقول المسيح: «اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ...» (يوحنا 3: 6) «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ» (يوحنا 3:3).

أخيراً نقول إن النير غير المتجانس ليس خاطئاً فقط لأنه ليس عملياً، لكنه خاطئ حتى وإن كان عملياً. فهو خاطئ لأن الله نهى عنه. والواقع بطبيعة الحال إن النير غير المتجانس غير عملي مطلقاً. وعواقبه وخيمة في كل الأحوال تقريباً. فالزواج غير المتجانس تنشأ عنه عائلات غير متجانسة. وكل انسان منا يستطيع أن يخرج من جعبته أسماء عائلات محطمة لأن الزوج والزوجة إختلفت آراؤهما عن المسيح.

إن النير غير المتجانس هو إتحاد غير مقدس لا يمكن أبداً أن يكرم الله، ولا يمكن أبداً أن ينشئ بيتاً مسيحياً، لأن البيت المسيحي ينشئه زوجان مسيحيان.

إن أفضل طريقة لتجنب أخطار النير غير المتجانس هي: «لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ».

يقيناً إن البداية إن لم تكن خاطئة فالنهاية لا يمكن أن تكون خاطئة. إن كنتم قد ذقتم خيرات الله، إن كنتم قد وثقتم في الرب يسوع المسيح ليخلصكم من الخطية، وإن كنتم قد إختبرتم عملياً راحة النفس التي لا يأتي بها سواه، فلا تنبذوها بوضع أنفسكم تحت نير التزوج بغير المؤمن أو غير المؤمنة. إن أياماً قليلة تقضى في التودد الآن، أو سنوات قليلة في الزواج لا توازي شيئاً بجانب الإفتراق إلى الأبد. لهذا يجب - تحت أي ظرف من الظروف - أن لا يتزوج أحد إلا «فِي الرَّبِّ فَقَطْ» (1كورنثوس 7: 39).