العودة الى الصفحة السابقة
لماذا نؤمن بيسوع المسيح؟

لماذا نؤمن بيسوع المسيح؟

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو لماذا نؤمن بيسوع المسيح؟

أنا أؤمن بيسوع الذي يُدعى المسيح لأنه هو الله، الكل وفي الكل القادر على كل شيء.

كثيرون في هذا العالم قد ألّهوا معلمين وفلاسفة وكثيرون قد عبدو أباطرة وملوكاً، لكن هؤلاء الأباطرة والمعلمين والملوك والفلاسفة قد جاءوا إلى هذا العالم ورحلوا إلى الأبدية في طريق لا يعودون منها كأي إنسان آخر. فقد مروا في فترة معينة من التاريخ، والأكثرون منهم طواهم النسيان في ملفه الكبير وسمكت الأيام طبقة كثيفة من الغبار عليهم وعلى عابديهم حتى أن المتعمق في التاريخ فقط يعرف بعض الأسماء التي ظن الناس يوماً بأن أصحابها آلهة ستخلد أسماؤهم ما دام هناك أناس وما دامت هناك أيام.

مرت الأيام وتعاقبت السنون فاندثر معبودو البشر والذين ألّهوهم، وجعلت منهم الأجيال نسياً منسياً.

إن أكثر الأمم التي مرت فوق سطح هذه الأرض قد عبدوا الأصنام صنع أيدي الناس، وسجدوا إلى عمل أيديهم وخروا على وجوههم أمام حجارة نحتوها لا قوة لها سوى صلابتها، بقاياها في هذه الأيام تشهد على عدم نفعها وبطلان عبادتها، وهي دلالة واضحة على عجزها «أَصْنَامُهُمْ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ، عَمَلُ أَيْدِي النَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلاَ تَتَكَلَّمُ. لَهَا أَعْيُنٌ وَلاَ تُبْصِرُ. لَهَا آذَانٌ وَلاَ تَسْمَعُ. لَهَا مَنَاخِرُ وَلاَ تَشُمُّ. لَهَا أَيْدٍ وَلاَ تَلْمِسُ. لَهَا أَرْجُلٌ وَلاَ تَمْشِي، وَلاَ تَنْطِقُ بِحَنَاجِرِهَا. مِثْلَهَا يَكُونُ صَانِعُوهَا، بَلْ كُلُّ مَنْ يَتَّكِلُ عَلَيْهَا» (مزمور 115: 4 - 8). أما يسوع فهو خالق السماء وسيد الأرض كلها وكل ما شاء صنع هو جابل الإنسان ونافخ الروح فيه... مبدع الرجل ومكون إبن آدم على صورته وشبهه ومثاله.

إن ولادة يسوع بيّنة واضحة وشهادة علنية على أنه غافر الخطايا... فلقد أنبأ ملاك من قبل الرب العذراء مريم قائلاً لها أنها ستلد إبناً ويدعى إسمه يسوع: «لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ. يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ» (متّى 1: 21 ولوقا 1: 32 و33). ومع أنه وُلد في مذود وضيع في ناحية مجهولة من العالم إلا أن ذلك المكان قد أصبح محج كل أجيال كل الأمم. لم ترتل له جوقات الشرف ولم يولد في قصر عظيم ولم تحط به باقات الورد، ذلك ليؤكد للعالم بأن المظاهر التي يتبهرج بها الناس ويكون لها فيهم أثر عميق، لا تهم الله ولا تحرك فيه ساكناً إذ أنه الوحيد الذي ينظر إلى القلب وإلى الدافع الذي يحرك الإنسان. ولأنه عرف بأن الخطية تسكن في الإنسان، جاء لكي يطردها ويسكن في قلب كل من يقبله تائباً عن خطيته متجاوباً مع دعوته العظمى.

إنه الإله الحي الذي تغلب على الموت وملك الموت؛ وقد كان الأموات يطيعون صوته، وهبّوا وقوفاً عند سماع صوته.

فمن إستطاع بلمسة أن يطهر الأبرص النجس؟ ومن قدر أن ينتهر الأرواح الشريرة ويخرجها من الإنسان؟ ومن استطاع أن يخرس البحار، ومن استطاع أن يهديء العاصفة؟ إلا يسوع وحده!؟

«فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ... كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ... وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّاً» (يوحنا 1: 1 - 4 و14).

إن كان يسوع هو كلمة منه، أي كلمة الله إذاً هو الله، لأن الله لا يتكلم بكلام خارج عنه أي من نوعية أخرى، بل إنه يتكلم بذاته أي أن كلامه فيض من ذاته، لذلك فالكلام الذي يتكلمه هو، هو ذاته: هو الله نفسه.

«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ» (يوحنا 8: 58)إن كلمة «كائن» التي جاهر بها الرب يسوع تعني بأنه قد تخطى محدوديات الوقت وفاق على الزمن إذ أن الزمن نسبي وكلمة «كائن» في هذا النص مطلقة، إذ أن الماضي لا يربطه والحاضر لا يحدده والمستقبل لا يسيره، فالأزلية والسرمدية والأبدية قدامه، ولا يخفى عليه منها شيء. «لأَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ» (2بطرس 3: 8).

لم يفهم البشر مقاصد الله إلا عندما وضحها لهم وهو في الهيئة كإنسان. فيسوع - الله الذي ظهر في الجسد - هو الذي عمل العالمين... وهو حامل كل الأشياء بكلمة قدرته، إذ أنه بداءة الخليقة - وما بداءة النهر إلا النبع، والنبع هو علة النهر وسبب وجوده - ويسوع الذي يدعى المسيح هو بداءة الخليقة - نبع الخليقة - علة وجود الخليقة وسببها وواجب الوجود، الذي به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان.

وقد قال عن نفسه، ولا يعلو كلامه ذرة من الشك كما قد تبرهن لنا، ومن يقول هذا القول إلا الله وحده: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ» (رؤيا 21: 6 ورؤيا 1: 17 و18).

وبذلك «يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ» (رؤيا 3: 7). لقد إستطاع أن يقول هذا لأن «مَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ... هذا اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ» (ميخا 5: 2 و1يوحنا 1: 1). ومن كان من البدء إلا الله وحده؟!