العودة الى الصفحة السابقة
الحياة المسيحية معناها اتباع المسيح

الحياة المسيحية معناها اتباع المسيح

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو الحياة المسيحية معناها اتباع المسيح.

كانت دعوة المسيح غاية في البساطة وهي «اتبعني»، وقد طلب من الجميع، رجالاً نساءً، ولاءهم الشخصي، ودعاهم أن يتعلموا منه وأن يطيعوا كلامه.

ولكن لا اتباع بدون التخلي عن عزيز. اتباع المسيح معناه أن نعتبر أن ولاءنا له يفوق أي ولاء آخر. وفي أيام تجسده قصد أن يكون الولاء حرفياً، فقد ترك سمعان واندراوس شباكهما وتبعاه، أما يعقوب ويوحنا «فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبْدِي فِي السَّفِينَةِ مَعَ الأَجْرَى وَذَهَبَا وَرَاءَهُ». وها متّى لما سمع دعوة المسيح عندما كان جالساً في مكان الجباية «تَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ وَقَامَ وَتَبِعَهُ» (مرقس 16:1 – 20؛ لوقا 27:5 – 28).

ومن حيث المبدأ، فإنه لم تتغير دعوة الرب يسوع حتى اليوم. فهو لا يزال يقول «اتبعني»، ويضيف أيضاً: «فَكَذلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لاَ يَتْرُكُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا» (لوقا 33:14). ومع أن المسيحيين، بصورة عامة، لا يعتقدون بحرفية التخلي عن بيوتهم وأعمالهم، إلا أنهم يعتبرون واجباً ملحاً أن يكون لهم التسليم القلبي للمسيح، فلا يسمحوا لعواطفهم العائلية ومطامعهم الدنيوية أن تنافس المسيح على احتلال المركز الأول في قلوبهم.

واسمحوا لي أن أتكلم بأكثر صراحة ووضوح عن الترك الذي لا يمكن أن نفصله عن اتباع يسوع المسيح.

يجب ترك الخطية

وبعبارة أخرى هذا ما نسميه: «التوبة» وهو الجزء الأول من التجديد أو التغيير المسيحي، ولا يمكن التغاضي عنه بتاتاً. فالتوبة والإيمان يسيران جنباً إلى جنب، ولن نستطيع أن نتبع يسوع دون أن نترك الخطية. فقد توجد في حياتنا خطايا، نظن أنه لا يمكن التخلي عنها أو تركها أبداً، ولكن ينبغي أن نكون مستعدين لتركها، ونحن نصرخ إلى الله طالبين النجاة والخلاص منها. وإذا طلب منك أن تتخلى عن أي شيء اتركه في الحال، وقد يكون هذا الشيء صداقة أو تسلية أو نوعاً من الكتب التي تقرأها أو موقف كبرياء أو حسد أو كره أو روح عدم التسامح. كن حازماً في موقفك، وتذكر ما علم به المسيح قائلاً: «إِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا... وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا» (متّى 18: 8 و9).

ذلك لأن بعض خطايانا تؤثر على غيرنا من الناس، كما تؤثر على الله. إن خطايانا تجرح قلب الله، ولا يمكن لأي عمل صالح نعمله، أن يشفي الجرح، بل وحده موت مخلصنا يسوع المسيح الكفاري يستطيع هذا.

رغبة منا في اتباع المسيح، يجب علينا لا أن نترك الخطايا فحسب بل أن نتخلى عن مبدأ الأنانية – ألأنا – التي تكمن في جذور أعمال الخطية. أن اتباع المسيح معناه تسليمه كل الحق للإشراف على حياتنا الخاصة، متنازلين عن عرش قلوبنا، واضعين الصولجان في يده وتاجنا فوق رأسه، نتوّجه ملكاً لنا.

لكي نتبع المسيح، يجب أن ننكر نفوسنا، أن نصلبها، أن نهلكها. وها يسوع يضع طلبه مكشوفاً صريحاً، فإنه لا يدعونا لنخضع خضوعاً ناقصاً. بل إلى تسليم تام مطلق لأن نجعله رباً. من الغرابة بمكان في عصرنا الحاضر، أن البعض يدعي أنه بإمكاننا أن نتمتع بفوائد خلاص المسيح، دون أن نقبله رباً لنا. إن مثل هذا الرأي، لا وجود له في العهد الجديد، فالعبارة «يسوع رب» كانت أقدم قانون إيمان عرفه المسيحيون.

إن نجعل المسيح ملكاً وربا معناه أن نضع كل ما في حياتنا الخاصة والعامة، تحت سلطانه، وهذا يشمل عملنا ومستقبلنا. إن لله قصداً وغاية لكل حياة، إذاً فليكن شغلنا الشاغل أن نكتشف هذا القصد ونحققه. وقد يختلف قصد الله فينا عما قصدناه نحن لأنفسنا أو قصده لنا والدونا. وإن كان المسيحي عاقلاً وحكيماً حقاً، فلن يفعل شيئاً عن طيش أو تهور، سواء في العمل الذي أعده الله له، أم في ما أعده هو لنفسه. وإن كنا فعلاً قد أخذنا المسيح رباً لنا، ينبغي أن يكون لنا الاستعداد لتقبل ما يجريه في حياتنا من تغيير.

هناك أشياء أخرى خاصة بنا، يلزم أن تخضع لسيادة يسوع المسيح وسلطانه، إذا سلمنا حياتنا له، ألا وهي المال والوقت. لقد تكلم المسيح كثيراً عن المال وعن خطر الغنى، كان يوصي تلاميذه، بتحويل ما عندهم من الممتلكات والمقتنيات إلى نقود وأموال، لتوزيعها كلها على الفقراء، وإنه وبدون جدال، يفعل هذا في وقتنا الحاضر، ويدعو أتباعه لهذا العمل نفسه. إن جل قصد المسيح هو أن نكون حريصين على أموالنا وفي الوقت ذاته أن نصرفها بسخاء وبضمير حي؛ لأن المال الذي في أيدينا، ليس لنا، لكنه لله، وما نحن إلا مجرد وكلاء عن الله، فالسؤال الذي يتبادر إلى ذهننا، ليس «كم أعطي للرب من مالي»؟ بل «كم من مال الرب يجب أن أحتفظ به لنفسي؟».

لعل الوقت، مشكلة كل إنسان في هذه الأيام! ويجب على المسيحي أن يعيد ترتيب قائمة أفضلياته في الحياة. فإذا كان طالباً، فإن الدراسة ستكون في رأس قائمة الأعمال. ولئن كان المسيحي يعرف عادة، بالاجتهاد والأمانة في العمل لكن عليه أن يعطي وقتاً، في برنامجه المزدحم، للصلاة اليومية ودرس الكتاب المقدس، ولتكريس يوم الأحد للرب يوم عبادة وراحة، وللشركة مع المؤمنين أمثاله، ولقراءة كتب دينية أو للقيام بخدمة مسيحية في الكنيسة أو المجتمع.

إن كل هذه الأشياء تدخل في الحسبان، إذا تركنا خطايانا وأنكرنا أنفسنا واتبعنا المسيح.