العودة الى الصفحة السابقة
بلا دنس

بلا دنس

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو بلا دنس.

هنالك أوصاف كثيرة لتعريف الديانة. يقول البعض إنها هي التفكير السليم، ويقول آخرون إنها هي الشعور السليم. أما يعقوب فإنه يتغاضى عن ذلك ويقول إن لب الديانة الحقيقية هو أن يعيش المرء بلا دنس (يعقوب 17:1).

العالم مكان قذر جداً. ونحن لا يمكن أن نسير في طرقه دون أن نعرض أنفسنا للاتساخ من الرأس إلى القدم، وقليلون هم الذين يستطيعون أن يحفظوا أنفسهم بلا دنس من العالم.. لقد كان الرب يسوع حملاً بلا عيب ولا دنس (1بطرس 19:1). وهو قدم نفسه لله بلا عيب بروح أزلي (عبرانيين 14:9). وهو قادر أن يحفظنا غير عاثرين ويوقفنا أمام مجده بلا عيب في الابتهاج (يهوذا 24).

لعله لا توجد قصة في العهد القديم أكثر جاذبية من تلك التي تحدثنا كيف أن جسد نعمان الأبرص شفي من البرص وطهر «فَرَجَعَ لَحْمُهُ كَلَحْمِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ» (2ملوك 14:5). ولا توجد آية في العهد القديم أثمن بسبب ما توحيه من الطهارة التي بلا دنس من تلك التي تعلن بأنه «إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ» (إشعياء 18:1).

وكما أن تلك الصورة التي بلا دنس جذابة لنا فهي أيضاً ضرورية، إذ لا يمكن أن يستخدمنا الله إن تغاضينا عن مطالب الطهارة، وإن كنا لا نبالي بأن نكون بلا دنس. هو يدقق جداً في هذه الناحية حتى أنه يأمرنا بأن نبغض حتى الثوب المدنس من الجسد (يهوذا 23). «تَطَهَّرُوا يَا حَامِلِي آنِيَةِ الرَّبِّ» (إشعياء 11:52).

هو قدوس جداً لدرجة أنه لا يقدر أن يكشف محبته الغالية للذين تنقصهم الحساسية بصدد سلوكهم في العالم. فهو يخبرنا أن أنقياء القلب فقط هم الذين يعاينون الله. لا شيء يقدر أن يعيق أو يمنع رحمته للذين سقطوا وتدنسوا بسبب الضعف والجهل والشهوة. ولا شيء يقدر أن يعوض عن الحياة العالمية المتراخية التي لا تبالي فيها النفس بأن تحفظ ذاتها بلا دنس.

يستحيل أن تعطي حياة السماء هنا على الأرض إلا للذين يحاولون - على قدر ما تصل إليهم معرفتهم - أن يحفظوا أنفسهم بلا دنس. «فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ... لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ» (أفسس 5:5). إن أردت أن يأتي الله ويتخذ له مسكناً في داخلك فعليك أن تطهر ذاتك من كل دنس الجسد والروح (2كورنثوس 1:7). وإن أردت أن تذهب أخيراً لتتخذ لك مسكناً مع الله فعليك أن تغسل ثوبك وتبيضه في دم الخروف (رؤيا 14:7). إن الذين يغسلون ثيابهم هم فقط الذين لهم الحق في شجرة الحياة ولهم الحق أن يدخلوا من الأبواب إلى المدينة (رؤيا 14:22).

لكن هذا قد يبدو أمراً مستحيلاً وحلماً غير عملي، فإن حياة أعظم القديسين لا تخلو من ضعفات. كل واحد لا بد أن يعترف بنقائصه. لم يولد من النساء سوى واحد فقط كانت حياته خالية من الخطية وبلا دنس.

نحن لا نقدر أن تكون لنا الطبيعة المحصنة ضد الشر. لا نقدر أن لا نُجرب. إن الشرير يقرع دائماً على الباب ويظهر لنا نجاساته من ثقب الباب. إن العالم والمجتمع غريبان عن النعمة. فالصحف ملوثة بأنباء الطلاق ومواضيع نجسة أخرى. والروايات الخليعة التي تتداولها أيدي الشباب ملوثة بالمناظر الدنسة والإغراءات الفاسدة. والشوارع مكتظة برجال ونساء ملوثين. وواجهات الحوانيت ملوثة بالصور الخليعة. لكن الله أقوى وأعظم من الكل. وهو لا يأمر بما لا يقدر أن يعيننا على تحقيقه. وواضح أننا بنعمته ومحبته نستطيع أن نحيا حتى نصبح بلا دنس. لكننا يجب أن ننتفع دواماً بالدم والكلمة والنار.

دم يسوع. أنه يطهر من كل خطية (1يوحنا 7:1). «إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ» - أمكن في العهد القديم أن يقدس إلى طهارة الجسد «فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ... يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ ويجعلنا بِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ» (عبرانيين 13:9 و14، أفسس 4:1). حالما نعترف بخطايانا ونتناول من جسده ودمه الطاهرين يتلاشى نهائياً كل دنس لصق بنا. يمكن للميكروسكوب أن يتبين آثار الدماء على القماش بعد غسله، لكن لا يمكن لأية قوة معظمة أن تكتشف آثار الخطية التي اعترفنا بها وتركناها. إن طلبت فإنها لا توجد، الله لا يذكرها فيما بعد (إرميا 34:31).

إن سلمت إليه أفكارك أجازها في مصفاة النار، فيحرق جراثيم الشر، ولا يبقى إلا الطاهر الطبيعي الذي بلا دنس. لا يطهر من جراثيم المرض شيء مثل النار فاطلب من الروح القدس أن يكون حلوله فيك مثل النار ليحرق الشر. أطلب بأن تحيا في تلك النار المطهرة. لا تغادر مخدعك في الصباح دون أن تلبس أسلحة النور المنسوجة من النار. وثق بأنه إن لصق بك أي دنس فإنه لا يمكن أن يبقى أمام هذه النار الملتهبة.

إن الذين بلا دنس يكونون رقيقين ورحماء بالدنسين. إنهم يعرفون جيداً الأخطار التي أنقذوا منها، ويعرفون ضعفاتهم هم أنفسهم، ولذلك فإنهم يترفقون بهؤلاء الدنسين.