العودة الى الصفحة السابقة
آلهة كاذبة

آلهة كاذبة

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو آلهة كاذبة.

تقول الوصية الوصية الأولى في الكتاب المقدس: «لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» (خروج 3:20)

عزيزي المستمع ما تركز فيه تفكيرك هو إلهك، وما تحبه أكثر من الله هو صنمك. لان قلوب الكثيرين مكتظة جداً بالأصنام في هذه الأيام حتى أنه من العسير أن يوجد فيها مكان لكي تلتفت إلى اليمين أو إلى اليسار. فالأغنياء والفقراء، المتعلمون والجهلاء، كل طبقات البشر، رجالاً وسيدات يرتكبون هذه الخطية.

يتخذ الكثيرون من الملذات إلهاً، والبعض يتخذون من الموضة إلهاً. ويتخذ الكثيرون من المال إلهاً. حقاً أننا كدنا نصل إلى عبادة العجل الذهبي، لكن إن باع إلانسان مبادئه من أجل الذهب ألا يقال عنه أنه إتخذه إلهاً؟ وإن إعتمد على ثروته لكي تحفظه من الفاقه، وتسد أعوازه، ألا يحق أن يُقال بان الثروة إلهه؟ يقول الكثيرون: «أعطني المال فأعطيك السماء. ماذا يهمني من أمجاد وكنوز السماء؟ أعطني الكنوز هنا، فلا أبالي بالسماء. إنني أريد أن أكون رجل أعمال ناجحاً».

لكن إسمحوا لي بأن ألفت أنظاركم إلى سفر التثنية (تثنية 31:32): «لأَنَّهُ لَيْسَ كَصَخْرِنَا صَخْرُهُمْ، وَلَوْ كَانَ أَعْدَاؤُنَا الْقُضَاةَ».

نطق موسى بهذه الكلمات في خطابه الوداعي للشعب. لقد عاش معهم أربعين سنة، وكان قائدهم ومعلمهم، وعلى يديه أتت إليهم كل بركات السماء. كان قد أوشك ذلك الشيخ أن يتركهم وقتئذ. إن لم تكن قد قرأت قط خطابه فاقرأه. إنه من أحسن العظات المكتوبة، وأعتقد أنه لا يقارن بها في العهد القديم أو الجديد إلا عظات قليلة.

أستطيع أن أتخيل موسى وهو يلقي هذا الخطاب. إن نشاطه الطبيعي لم يضعف وشعره الطويل الأبيض يتدلى على كتفيه. ولحيته الوقورة تغطي صدره. لقد تحداهم بهذا القول: «لأَنَّهُ لَيْسَ كَصَخْرِنَا صَخْرُهُمْ، وَلَوْ كَانَ أَعْدَاؤُنَا الْقُضَاة».

هل استطاع القلب البشري أن يشبع بهذه الآلهة الكاذبة؟ أيمكن للذات أو للثروة أن تملأ النفس الخالية من الله؟ ما هو حال الملحد»، و«المعتقد بوجود الله وحده المنكر للوحي والأنظمة الدينية»، و«المعتقد بألوهية الكون»؟ إلى أي شيء يتطلعون؟ لا شيء. فعندما تعصف بهم عواصف النكبات والفشل فإنهم لا يجدون إلهاً يلجأون إليه. «وَيَصْرُخُونَ إِلَى الآلِهَةِ الَّتِي يُبَخِّرُونَ لَهَا، فَلَنْ تُخَلِّصَهُمْ فِي وَقْتِ بَلِيَّتِهِمْ» (إرميا 12:11). ولذلك فإنني أصرح لهم قائلاً: «ليس كصخرهم صخرنا».

إن الكتاب المقدس صادق. يوجد إله واحد. كثيرون يقولون لي إنني مستعد أن أعطي العالم ثمناً لو أمكن أن يكون لي إيمانك، وتعزياتك، ورجاء ديانتك. أليس هذا برهاناً على أنه «ليس كصخرنا صخرهم»؟

لا عزاء إلا في الله نعم، فلا شبع للنفس إلا في إله الكتاب المقدس. لنرجع إلى كلمات بولس الرسول لكي نجد فيها تعزية لهذا الدهر وللدهر الآتي « نَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ وَثَنٌ فِي الْعَالَمِ، وَأَنْ لَيْسَ إِلهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِدًا. لأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى آلِهَةً، سِوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوْ عَلَى الأَرْضِ، كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ. لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ» (1كورنثوس 4:8 - 6).

عزيزي المستمع، أتستطيع أن تقول هذا بإخلاص؟ هل كل رجائك مركز على الله في المسيح؟ أتتكل عليه وحده؟ هل أنت مستعد أن تقف في الميزان وتوزن أمام هذه الوصية الأولى؟

الله لا يقبل قلباً منقسماً. يجب أن يكون كل القلب له. لا يوجد مكان في قلبك لعرشين. لقد قال المسيح: «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ» (متّى 24:6). لاحظ أنه لم يقل: «لا يوجد أحد يخدم سيدين»، بل «لا يقدر أحد أن يخدم... لا تقدرون أن تخدموا».

هذا يعني أكثر من أمر تجب إطاعته. إنه يعني أنكم لا تقدرون أن تمزجوا عبادة الله الحق بعبادة إله آخر، كما أنكم لا تقدرون أن تمزجوا الزيت بالماء. هذا غير ممكن. إن كان المسيح في القلب فليس هنالك مكان لأي عرش آخر، وإن دخلت القلب محبة العالم خرجت منه التقوى.

إن الطريق إلى السماء يتجه إتجاهاً عكس الطريق إلى جهنم. أي سيد تختار لكي تتبعه؟ «إياه وحده تعبد». بهذا فقط تستطيع أن ترضى الله. لقد عوقب اليهود بالسبي سبعين سنة لأنهم عبدوا آلهة كاذبة. وهم الآن يعانون الآلام المريرة منذ أكثر من الفي سنة لأنهم رفضوا المسيح. فهل تريد أن تجلب على نفسك غضب الله برفض المسيح أنت أيضاً؟ لقد مات لكي يخلصك. إتكل عليه من كل قلبك، «لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ» (رومية 10:10).

إنني أؤمن بأنه عندما يكون للمسيح المكان الأول في قلوبنا، عندما نطلب أولاً ملكوت الله في كل شيء، فإننا ننال قوة، ولن ننال قوة إلا إذا أعطيناه المكان اللائق به. إذا ما سمحنا لإله كاذب بأن يدخل ويسلب محبتنا لإله السماء فلن يكون لنا سلام، ولن تكون لنا قوة.