العودة الى الصفحة السابقة
«اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ» (مزمور 1:19)

«اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ» (مزمور 1:19)

جون نور


إعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو السماوات تحدث بمجد الله.

صحيح أن أبناء هذا الجيل قد أحرزوا تقدماً في مجالات العلم والاكتشاف، ولكن معظمهم لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم، فأسلمهم الله إلى ذهن مرفوض. ليفعلوا ما لا يليق. فصرخت غباوتهم في الصحف والإذاعات بتجاديف على اسم الله. فصدق القول الإلهي: «وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ» (تكوين 6: 5). الشرير بشهوات نفسه يهين الله. الشرير حسب تشامخ أنفه يقول أن لا إله.

قال الرسول بولس العلم ينفخ ، فعلماء ومفكرو عصرنا الذين غزوا الفضاء انتفخوا بنجاحاتهم. ولكن الانتفاخ شر كريه، وشر ما فيه أنه يقود إلى الحماقة. الخطية الخاطئة جداً «أَعْمَت أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ» (2كورنثوس 4: 4). والشهوات الردية طمست على بصائرهم حتى لا يروا «اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ» (مزمور 1:19).

أبناء هذا الدهر يطلبون آية، ولكن المسيح الذي كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان، يستهزئ بهم، ويردد في مسامعهم ما قاله لليهود قديماً: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال» (متّى 12: 39 و40). هذه هي آية الله العظمى: قيامة ربنا يسوع المسيح من الأموات متحدياً الموت والهاوية.

فهذه الآية ما زالت تتكرر منذ إحدى وعشرين قرناً كل يوم بقيامة آلاف من موتى الذنوب والخطايا ليسلكوا في جدة الحياة. نعم هذه هي آية الآيات بالميلاد الثاني وتجديد الروح القدس. بها يصير الكافر مؤمناً، والفاجر قديساً، والشرس حملاً وديعاً، واللص شريفاً، والقاتل إنساناً جديداً صانعاً سلاماً.

أيها الصم اسمعوا! أيها العمي انظروا!

انظروا لتبصروا أن السماوات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه.

خرج عالمنا من الحرب العالمية الثانية مقطع الأوصال مضرجاً بالدم. وبالرغم من وعود قادة الأمم والشعوب بإحقاق الحق، وإقامة دعائم السلم، وتوطيد العدالة الاجتماعية، فالعالم لم يستطع حل مشاكل ما قبل الحرب، ولا ما بعدها. بل أن الحالة تتردى أكثر فأكثر، والسبب هو أن البشر لم يتركوا حماقاتهم، فاحتجزتهم حماقاتهم في أهوان الهوان. والخطية الخاطئة جداً أفسدت الناس بفساد مزدوج: فساد الخلق وفساد التفكير. فكثر الإثم وبردت محبة الكثيرين. فتركوا الإيمان المسلم مره للقديسين، وابتعدوا عن حياة الله ليسلكوا ببطل ذهنهم. وشر ما ابتلى به جيلنا هو عدد عديد من المفكرين العديمي النزاهة، الذين ابتدعوا آراء ماكرة لتغيير شكل الخطية وجعلها مقبولة لدى البسطاء من الناس. قالوا: ما دام الكذب لا يلحق ضرراً بصاحبه، بل أحياناً ينقذه من مآزق حرجة فلا بأس بممارسته.

ثم ارتاحوا إلى الفكرة وإذا بهم يقولون: هذا ليس كذباً، بل هو دهاء وإذ بهم يقولون: هذه ليست مسكرات بل مشروبات روحية مستخرجة من العنب! وقالوا: ما دام المنكر والقمار يجذبان السياح فلنضع لهما نظاماً ولنسم أوكارهما بيوت ملاهي ودور ترفيه. وقالوا: هذا الذي يسميه الناس غشاً ما دام يؤمن ربحاً جزيلاً فلنتجاوز عنه، وفقاً للمبدأ القائل: الغاية تبرر الواسطة. هذا ليس غشاً بل هو وسيلة لزيادة الدخل.

مسكين عالمنا! «إنه وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ» (1يوحنا 5: 19). والشرير حبس عليه في الظلمة وأرسل أبالسته للإستحواذ على ألسنة وأقلام مفكريه. وإذا بهؤلاء يصرخون في وجوهنا: أيها المؤمنون، أين هو إلهكم؟ ما باله لا يحرك ساكناً؟ لماذا لا يثبت وجوده ويصنع آية.

يا لموتى الآثام!!! الشمس تشرق كل صباح، وتغرب كل مساء، وهي دليل على عظمة وقدرة وحكمة إلهنا وعنايته. فإن كان العمي لا يتمتعون بنورها فالخطأ يقع على عيونهم التي لا تبصر. «اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ» (1يوحنا 1: 5) قال الرسول يوحنا، وهذا النور «صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا» (يوحنا 1: 14). ولكن أبناء هذا العالم أحبوا الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة.

يُقال إننا نعيش في عصر الذرة الذي هو عصر النور. هذا الادعاء كان ممكناً أن يصير حقيقة لو لم تسرع الخطية وتضع يدها على الذرة وتحولها إلى أسلحة قتالة. وأسوأ ما في الأمر هو أن المتسلطين في العالم راحوا يتسابقون في تطوير الأسلحة الذرية وجعلها أشد فتكاً وتدميراً. وهم في ذلك يصرفون مبالغ خيالية من الأموال بينما مئات من الملايين يعانون الجوع والمرض والعري. وليس من يسمع صرخة المسيح: «كنت جائعاً فما أطعمتموني. كنت مريضاً فما زرتموني. كنت عرياناً فما كسوتموني». ألا ما أتعس العلماء بدون الله لأن النور الذي فيهم صار ظلاماً، والظلام الذي فيهم صار موتاً.

إن معظم حاملي اسم المسيح قد انحرفوا عن خط دعوة الله العليا في المسيح يسوع، فوضعوا نور المسيح تحت مكيال من سلوكهم الرديء. ولست بمبالغ إن قلت إن أكثرية الملحدين المجدفين على الله هم من أصل مسيحي. ومن هنا قامت الضرورة إلى شهود أمناء لإخراج نور الإنجيل من تحت المكيال ووضعه على المنارة. هؤلاء الشهود هم أنتم الذين فداهم الحمل وخلصهم وقدسهم.

اذكروا وصيته القائلة: «فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متّى 5: 16).