العودة الى الصفحة السابقة
إنقطاع الصلة بالله

إنقطاع الصلة بالله

جون نور


أعزائي المستمعين الكرام موضوع حلقتنا اليوم من برنامجنا حكم وأمثال من الكتاب المقدس هو إنقطاع الصلة بالله.

تقول كلمة الرب في سفر صموئيل الاول 14:16 عن الملك شاول: «وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ».

وتقول أيضا في سفر القضاة عن شمشون الذي سار بعيداً عن الله: «وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ» (قضاة 20:16).

عزيزي المستمع هل أنت في شركة مع الله؟ هل تسير في نور وجهه، وهل تحظى بإشراقة ابتسامته؟ إن الصلة بالله ليست أمراً نضمنه بلا حدود.

إن شمشون لم يعلم أن الرب قد فارقه. لقد انقطعت صلته بالله دون أن يدري، وهذه كانت المأساة بالنسبة لحياته. وهنا أقول إنه من الممكن أن تكون اختباراتنا الماضية مع المسيح أكثر لمعاناً من تعزياتنا وأفراحنا في الوقت الحاضر.

لقد بدأت حياة شاول وأمامها انتظارات جميلة لم يتمتع بها شخص قبله. فمن الناحية الجسدية كان جميلاً، وفي الوقت ذاته متضعاً. ولما مُسح ملكاً على إسرائيل أعطاه الله قلباً آخر. لقد استقر عليه روح الله وتنبأ. لكن بعد مدة قصيرة وجد شاول نفسه يتخطى الحدود، ودون أن يدري دخل الامتحان الذي كان سيقرر مستقبل ملكه، لقد طلب منه الله أن يميت عماليق، ذلك الشعب الشرير القاسي، العدو لشعب الله، وكانت هذه التعليمات واضحة جداً، ففي سفر صموئيل يقول له الرب: اضرب عماليق وحرموا كل ما له وفي المعركة التي تلت هذه التعليمات أعطى الرب لشاول نصرة عظمى، لكنه في عصيانه أبقى خيار الغنم والبقر، وأهلك المريض منها الذي لا قيمة له، وعلاوة على هذه فإنه استبقى أجاج ملك عماليق!

لما جاء صموئيل، ورآه شاول، قابله بالتحية التقوية وكأنه نفذ كلام الرب وقال له: «قَدْ أَقَمْتُ كَلاَمَ الرَّبِّ». فأجابه صموئيل بسؤال محير: «مَا هُوَ صَوْتُ الْغَنَمِ هذَا فِي أُذُنَيَّ، وَصَوْتُ الْبَقَرِ الَّذِي أَنَا سَامِعٌ؟ – الأبقار المذبوحة لله ليس لها صوت – لِمَاذَا لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ؟... هُوَذَا الاسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ» (1صموئيل 15: 13، 14، 19، 22). لقد استطاع شاول أن يسكت صوت ضميره، لكنه لم يستطع أن يخفي صوت الغنم التي كان ينبغي أن يقتلها. هكذا نحن، هل تشهد قلوبنا ضدنا؟ وهل تستطيع أذن الله أن تسمع صوت الخطية التي لم نعترف بها، أو الأذية التي تسببنا فيها لغيرنا؟

لقد احتفظ شاول بالقطيع، لكنه خسر المملكة، فحين حاول شاول فيما بعد أن يسأل الله، يقول الكتاب إن الله «لَمْ يُجِبْهُ» (1صموئيل 6:28). «لقد ذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ» (1صموئيل 14:16). لقد فقد صلته بالله بسبب عصيانه الإرادي، فمات أخيراً بيد عماليق، لأنه عصى صوت الله.

أما شمشون فقد فقدَ صلته بالله دون أن يدري، لقد كانت حياته لامعة بالمواعيد، فحين بلغ النضوج وقع ميثاق تكريسه لله، الذي كان أبواه قد قطعاه أثناء طفولته. وقد أستقر عليه أيضاً روح الله، وبقوة الروح استطاع شمشون أن يقوم بأعمال عظيمة ضد أعداء شعب الله، لكن قوته لم تكن في جسده الضخم أو عضلاته القوية، لكنها كانت قوة الروح، فيوم أن سحبت منه هذه القوة وانقطعت صلته بالله، أضحى «كواحد من الناس». لقد تمتع شمشون بمعونة الروح، والاستخدام المبارك المستمر، حتى أنه ابتدأ يستهين بسر القوة التي له، فحطم عهد تكريسه مرات، لكن الله في نعمته ظل يقويه ، حتى بدا أمام الآخرين وكأن صلته بالله ما زالت مستمرة، وبعد محاولات كثيرة استطاعت دليلة الماكرة أن تنتزع من شمشون سره، فأنامته على ركبتيها، وقصت خصل تكريسه! وهكذا دون أن يدري فقد صلته بالله، وبعد ذلك قلعت عيناه وتحول البطل إلى مهرج.

يا لها من نهاية مؤسفة لحياة ذلك الشخص!! لقد طمع في صلاح الله بينما كانت حياته تسير في طريق العصيان لله. فإن كنا قد تمتعنا بلمسة الله لنا في الماضي، أو حصلنا على بركة الله لخدمتنا فلنتحذر من الجرأة أو الطمع في صلاح الرب، ونتصور أنه سيباركنا بينما نحن نميل عنه ونبتعد عن شخصه.

إن أخطر شيء في انقطاع صلتنا بالله هو أننا نحن لا نعيش لأنفسنا، فحياتنا باستمرار تؤثر على حياة الآخرين، وهناك آية تجعل المرء منا يرتعب حين يقرأها، وهي التي تقول: «كُلُّ مَا مَسَّهُ النَّجِسُ يَتَنَجَّسُ» (عدد 22:19). فحين نفقد صلتنا بالله فإننا لا بد أن نؤثر تأثيرات غير روحية، فتصبح أعمالنا أعمالاً ميتة، وبدلاً من أن نكون رائحة حياة نصبح رائحة موت، ولعل أحد المعلنات الخطيرة ليوم الدينونة هو أننا سندرك تأثيرنا على الآخرين، الذي وصل إليهم دون أن ندري، وهناك سنرى أيضاً ما كان يمكن أن نعمله لو أننا تمتعنا بحياة ملؤها الشركة مع الله. سنرى النفوس التي كان يمكن أن نربحها، والأحمال التي كان يمكن أن نرفعها، لو أننا سرنا في حياة الشركة المستمرة مع الله.