العودة الى الصفحة السابقة

«لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلإِنْسَانُ» (متى 4: 4)

كان يسوع في برية الأردن القفراء الموحشة، وكان في صراع مع المجرب منذ أربعين يوما، أمضاها في صوم متواصل. وكان جوعه شديداً حتى ظن المجرب ان الفرصة مؤاتية ليجربه بالشك في أبوة الله له. كانت البرية مليئة بنوع من الحجارة المستديرة التي لها شكل الخبز، فتقدم اليه وقال: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا» (متّى 4: 3). ويا له من اقتراح يظهر مكر المجرب! لأنه طلب الى يسوع ان يصنع أمراً مشروعاً لاشباع جوعه. ولكن لو ان يسوع فعل، لجرد نفسه من قيود التواضع التي قبلها ليصير ابن الإنسان.

والبين ان غاية المجرب ان يهدم غرض قبول الرب التجسد الذي هو النقطة الأولى في المشورة الإلهية، لإتمام الفداء. وبانتظار ساعة الفداء كان من مستلزمات تواضع الرب أن يشارك البشر في تجارب الألم والفقر والجوع. وقد وصف رقة حاله بالقول: «لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ» (متّى 8: 20).

لقد نجح المجرب الكذاب في ادخال الشك بصلاح الله الى قلوب كثيرين وأولهم آدم وحواء. فقد جاء الى السيدة الأولى في ثياب الناصح المهتم بصالحها، فقال لها: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» (تكوين 3: 1) وكأنه يقول لها: أكاد أن لا أصدق ان الله غير كريم الى هذا الحد، حتى يمنع عنكما امتيازا كهذا. لا تأبهي لانذاره بالموت ان أكلتما من الشجرة التي في وسط الجنة، لأن هذا مجرد تهديد وليس بالضرورة ان يكون صادقا. فالله أرأف من أن يميتكما لأجل شيء كهذا. ولكنه عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر.

هذا هو كل شيء انه لا يريد ان تنفتح أعينكما. تكلم هي المناورة التي نجح فيها عدو الخير في جنة عدن لإسقاط آدم الأول. وقد امل أن ينجح بها في برية الأردن لإسقاط يسوع الذي هو آدم الثاني. ونلاحظ ان المجرب الماكر أقبل الى يسوع فيما كان قلبه وفكره مغمورين بشهادة الاب له، حين اعتمد في نهر الاردن فقد سُمع صوت من السماء «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (متّى 3: 17).

وهنا في البرية المقفرة الموحشة، حاول الشرير ان يلقي ظلال الشك، لا على الشهادة الالهية وحسب بل أيضا على الاب السماوي قائلها. فاذا كان يسوع هو الابن الوحيد الحبيب مسرة أبيه السماوي، فهل من الحق أن يترك هكذا في القفر يعاني التجارب فيضعف ويموت جوعا! ان كنت ابن اله، قال المجرب! والمقصود بالعبارة هو: ما دمت ابن الله فأيد بنوتك باستخدام القوة التي لك، لتنقذ نفسك من هذا الموقف الذي لا يليق بابن الله.

أخي المؤمن انتبه! واعلم ان لا عاصم لك من التجربة، لانه ان كان عدو الصلاح قد جرب ابن الله العزيز المقتدر الذي قال الانجيل انه مملؤ نعمة وحقا فكم بالحري يقدر ان يجربك انت الانسان الضعيف؟ انه يسوق اليك التجارب من حيث لا تدري، لكي يوقعك في المعاصي، التي عاقبتها هلاك النفس العزيزة. ولكن المعاصي وهلاك النفس ليست محتومة عليك فبوسعك مقاومة المجرب والحاق الهزيمة به، وذلك بالاقتراب الى الله.

هكذا قال الرسول يعقوب «قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُ اِقْتَرِبُوا إِلَى اللهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ» (يعقوب 4: 7 و8).

ولكن حين يبادرك الشرير بتجربة ما، حذار ان تناقشه كما ناقشته حواء، فأتاحت الفرصة لكي يغويها بكلام ملق. لا تناقشه بل قاومه فورا بسيف الروح الذي هو كلمة الله. فالشرير يهرب سريعا من المؤمن الممسك بهذا السلاح الماضي. قاومه أيضا بالصلاة لان الشر يهرب من الذي يصلي. هذا ما قرره الرب يسوع حين قال لخاصته «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ» (لوقا 22: 40). صل يا مؤمن ولا تمل وانتظر الرب، لان «مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُور» (إشعياء 40: 31).

لم تكن تجربة ابليس التجربة الوحيدة التى اعترضت سبيل يسوع لامتحان قدرته. ففي أحد الأيام جاء اليه أناس يطلبون آية ليؤمنوا به. ظناً ان الإيمان ان العيان هو الإيمان الصحيح كما يزعم أبناء هذا الدهر. ولكن يسوع رفض مطلبهم وصرفهم عنه. لأن الإيمان في نظر يسوع لا أن تقبل الأشياء التي تبصرها بعينيك وانما هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا تُرى.

الإيمان الصحيح يجعل الأمور التي ترجى حقائق يتلمسها المؤمن بحواسه الروحية.

الإيمان الصحيح يعطي النفس الايقان بقوة الحق الالهي حتى وان كان هذا الحق يتكلم بأمور لا تُرى. وفي كلمة أخرى ان كل الامجاد التي وعد بها المؤمن والتي لا نراها الان، يجعلها الإيمان الصحيح يقينا تتمتع به النفس روحيا.

كان يسوع في اتضاعه قد وطد العزم على أن يرفض تحويل الحجارة الى خبز. فقال للمجرب «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ» (متّى 4: 4).

هذا الجواب مقتبس من سفر التثنية الاصحاح الثامن حيث نقرأ قصة مثيرة عن تذلل شعب اسرائيل في البرية بآلام الجوع بعد أن غادروا مصر وحرموا من خيراتها الوفيرة. يومئذ قال الله لهم «وَتَتَذَكَّرُ كُلَّ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّتِي فِيهَا سَارَ بِكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ هٰذِهِ ٱلأَرْبَعِينَ سَنَةً فِي ٱلْقَفْرِ، لِيُذِلَّكَ وَيُجَرِّبَكَ لِيَعْرِفَ مَا فِي قَلْبِكَ أَتَحْفَظُ وَصَايَاهُ أَمْ لاَ؟ فَأَذَلَّكَ وَأَجَاعَكَ وَأَطْعَمَكَ ٱلْمَنَّ ٱلَّذِي لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُهُ وَلاَ عَرَفَهُ آبَاؤُكَ، لِيُعَلِّمَكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱلرَّبِّ يَحْيَا ٱلإِنْسَانُ» (تثنية 8: 2 و3).

فهكذا يسوع المتضع أصعد من الروح ليجرب في البرية أربعين يوما ويمتحن ولم يأكل شيئا. ان تجربته تتشابه مع تجربة شعب الله مع فرق واحد وهو أن الشعب المختار تذمروا على الله واتهموه بالشح والبخل عليهم بدسم الأرض. أما يسوع فلم يتذمر بل وضع نفسه وأطاع مشيئة الآب السماوي.

ويخبرنا الكتاب انه لما جاء ملء الزمان تجسد مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين هم تحت الناموس لننال التبني.أو كما قال كاتب رسالة العبرانيين «مَعَ كَوْنِهِ ابْنًا تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِه. وَإِذْ كُمِّلَ صَارَ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ، سَبَبَ خَلاَصٍ أَبَدِيٍّ» (عبرانيين 5: 8 و9). انه ليس فقط كالله يعرف أحزان وحاجات شعبه بل له الاختبار العملي بهذه الأحزان وهذه الحاجات لأنه تذوقها خلال جسده بكل مرارتها. وهو كرجل أوجاع ومختبر الحزن، يعرف ما تعني تجارب الإنسان لأنه اجتازها «بلا خطية لذلك يقدر ان يعين المجربين». «فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ» (عبرانيين 4: 16). فبعونه لنا نجتاز التجارب الحادثة لامتحان ايماننا ونخرج منها ممحصين كالذهب.

الواقع ان كلمة الله تخبرنا بأن أبانا السماوي يسمح بأن نمتحن بتجربة الخبز لنتعلم انه «لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ» (متّى 4: 4). ومن ميزات كلام الله انه ليس لتغذية العقل وحسب بل هو موجه الى الإرادة والضمير ليعمل الانسان به ويحيا لان الحياة كلها تخرج من فم الله وقد قال المسيح «اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ» (يوحنا 6: 63).

قال البشير ان يسوع بعد ما صام أربعين يوما جاع أخيرا جاع كما جاع كثيرون من القديسين الفقراء الذين لم يعتد بهم أحد. أو كما قال رسول الأمم بولس: «أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ» (2كورنثوس 8: 9). وأيضا كما اعتمد أبناء الشعب من يوحنا المعمدان معترفين بخطاياهم هكذا اعتمد يسوع، مع العلم انه الوحيد بلا خطية. ولكن هكذا صارت المسرة عنده، ان يضع نفسه ويصير حمل الله ليرفع خطية العالم.

ليس بالخبز وحده يحيا الانسان قال السيد الرب، وحين نتأمل حال أولئك الذين قيلت لهم هذه الكلمة نرى انهم بعد الجوع اطعموا بطريقة لم يحلموا بها.

فالرب اهتم بإعوازهم، بعد ان نضبت كل مواردهم في البرية. وهو لا شك يهتم باعوازنا نحن ويسد حاجاتنا بطريقة أمجد. فمن الناحية الروحية صار لنا الرب يسوع نفسه «خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَم» (يوحنا 6: 33).

ومن الناحية الجسدية تقول لنا كلمته: «اتَّقُوا الرَّبَّ يَا قِدِّيسِيهِ، لأَنَّهُ لَيْسَ عَوَزٌ لِمُتَّقِيهِز الأَشْبَالُ احْتَاجَتْ وَجَاعَتْ، وَأَمَّا طَالِبُو الرَّبِّ فَلاَ يُعْوِزُهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْر» (مزمور 34: 9 و10). «لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ ٱلْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ ٱلطَّعَامِ، وَٱلْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ ٱللِّبَاسِ؟ اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ ٱلسَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِٱلْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ ٱلْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. وَلٰكِنْ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. فَإِنْ كَانَ عُشْبُ ٱلْحَقْلِ ٱلَّذِي يُوجَدُ ٱلْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَداً فِي ٱلتَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ ٱللّٰهُ هٰكَذَا، أَفَلَيْسَ بِٱلْحَرِيِّ جِدّاً يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي ٱلإِيمَانِ؟ فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ، أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ، أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ فَإِنَّ هٰذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا ٱلأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ ٱلسَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هٰذِهِ كُلِّهَا. لٰكِنِ ٱطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ وَبِرَّهُ، وَهٰذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (متّى 6: 25-33).

أيها الأحباء

ان تجربة البرية التي جازها يسوع مخلصنا وفادينا كانت أكثر من استغواء إنسان يعيش في عزلة موحشة. انها تحريض للاعتداء على المبادئ التي جعلها يسوع شعاراً لحياته بعد أن أخلى نفسه ليضعها عن البشر. والشرير الغادر يحاول دوما ان يتخذ من حاجاتنا المشروعة سبيلا لكي يجربنا بالشرور. كأن يسول للمحتاج ان يسرق ويسد حاجاته ويوسوس في صدر المظلوم ان ينتقم لظلامته. وهو في هذه كلها يقصد أن يحملنا على رفض نير المسيح ويبعدنا عن محور محبته التي لا تطلب ما لنفسها وتغفر سبعين مرة سبع مرات. ومن ذكر ان المجرب ركز تجاربه ضد الحق الذي جاء به يسوع ليحرر البشرية من ناموس الخطية والموت.

وقد استخدم الشرير كل ما في وسعه دون خلاص الانسان بعمل الهي. وكانت أولى محاولاته ان يحول مخلص العالم عن طريق الصليب. ولكنه فشل لان يسوع الرب جاء خصيصا لكي يرتفع على الصليب ليجذب اليه الجميع ويصالحهم مع الله بدم صليبه. ومع ذلك فعدو النفوس لم يسلم بعد بالفشل. فهو بعد أن هزم في برية الاردن وفي جثسيماني وفي جلجثة راح يبذل جهده لتحويل النفوس عن المصلوب الذي ليس بأحد غيره الخلاص. انه يعمل لإلهاء النفوس بالتدين الشكلي، ولصرف الأذهان عن ذبيحة المسيح التي أكملت الى الأبد المقدسين.

ليركز الناس على أعمال برهم كوسيلة لنيل الصفح عن الخطايا. مع العلم ان كلمة الله تقول ليس من أعمال لكيلا يفتخر أحد. «لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ» (أفسس 2: 8). لقد ارتفع يسوع على الصليب، ليرفع عنا خطايانا وليس فيه خطية. فتم ما قيل بالانبياء «وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِين» (إشعياء 53: 12). فلنفرح ولنهلل، ولنسبح شاكرين، لان فادينا اجتاز التجربة. اجتازها بطبيعة انسان معطيا مثالا لنتبع خطواته. ولهذا قيل: «مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّة، لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِين» (عبرانيين 4: 15 و2: 18).