العودة الى الصفحة السابقة
اُطْلُبُوا اٰلرَّبَّ فَتَحْيَوْا (سفر عاموس 5: 6)

اُطْلُبُوا اٰلرَّبَّ فَتَحْيَوْا (سفر عاموس 5: 6)


في غمرة الاضطراب الذي اجتاح عالمنا، راج (سارع) الناس يفتشون عن هدف ما، غير معروف لديهم. وفقد أكثرهم الإيمان بالله، الذي هو مصدر كل تعزية. وراحوا ينشدون التعزية إما بفيلم خليع، أو بجرعة مخدر تنسيهم الواقع، أو بانتفاضة ثورية تقلب الأوضاع والأنظمة.

صحيح أن الإنسان تقدم في مجالات العلم، فبعد أن صنع الطائرة وطوَّرها حتى اخترقت سرعتها جدار الصوت، صنع الصواريخ الموجهة وغزا بها الفضاء، وحط رحاله على القمر. وفي استخدامه الطاقة الكهربائية لم يتوقف عند الاستضاءة بها، بل استعملها في أجهزته المتعددة كالراديو والتلفزيون، وغير ذلك. وفي الحقل الطبي توصل الإنسان إلى استبدال بعض أعضاء الجسم كالعين والكلية والقلب. ولكن مع كل تقدم الإنسان ومقدرته على تغيير أشياء كثيرة، لم يستطع تغيير نفسه، فبقي في الطبيعة ابن الغضب، فاسداً مبتدعاً شروراً. ولهذا يعيش أبناء هذا الدهر، بلا فرح وبلا سلام، في خوف مستمر من الحرب والجوع والمرض.

ليت الناس يدركون معنى الآية الكريمة «رَأْسُ اٰلْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اٰلرَّبِّ» (مزمور 111: 10). لم يصل أكثر علماء وزعماء هذا العصر إلى أولى درجات الحكمة. ولو درسوا ناموس الرب لعرفوا خطاياهم في ضوئه، واعترفوا بها بانكسار طالبين الغفران من الله. وعندئذ يعرفون كيف أن يسوع المصلوب جاء لفداء الأنفس، بحيث أن كل من يثق به يتبرر وينال الحياة الأبدية. ولكن لأن الأكثرية لا تطلب الله، بل تعيش في سكر شهواتها، وتركض في متاهات ضلالها، فلا بد أن يباغتها الهلاك.

وأنت، ألا يحسن بك أن تتصرف بحكمة وتستعمل عقلك فتطلب الله، تجاوباً مع حاجة نفسك للحياة الأبدية؟ اطلب من المسيح غفران خطاياك، فيحل الروح القدس في قلبك الذي يشركك في حياة الله. اطلب منه أن ينير عيون ذهنك لترى جمال محبة الله، ورهبة غضبه على آثامك. اطلب منه القدرة لقبول رحمته وخلاصه، وللثبات فيه، لأنه عمل لأجلك أكثر مما تظن. اطلب من إلهك، كل البركات المعدَّة لك في برنامجه، فتبدأ حياة جديدة مقدسة.

اعلم أن حياة الله، لا تصير في إنسان متكّبر يسكن في المنازل الضخمة ويقود السيارات الفخمة، ويرفل في الثياب الفضفاضة، ويظن أن هذا هو الهدف الوحيد. بل حياة الله هي امتياز البسطاء، السالكين بتواضع مع الله، في صبر ومحبة المسيح وفرح الروح القدس. هذا النوع من الحياة يلائم نفسك، ويشبع أشواق قلبك، الذي يجدر به أن يكون ينبوع عواطف روحية، لا مادية.

ولن تستطيع التغلب على اضطرابات نفسك إلا إذا تبررت بالإيمان، وصار لك سلام مع الله بربنا يسوع المسيح. فليت إرادتك تستجيب لحاجة قلبك، فتلتفت اليوم إلى الله الحي المحب. إن فعلت، ستدرك مندهشاً أن الله، وقبل أن تفكر فيه بزمن طويل، بحث هو عنك.

إن الله يشتاق إليك، ويحبك. وقد أرسل مسيحه إلى العالم، وبذله على الصليب، برهاناً لاهتمامه بك. انظر إلى المسيح المصلوب تدرك مقدار حب الله لك، واقرأ كلامه في الإنجيل تعلم أن الله يطلبك اليوم ويريد أن يخلصك ويباركك، ويملأك بحياته الأبدية.

قم وقابل إلهك الحي، الذي كلَّمك بمسيحه. اقرأ يومياً كلمته المقدسة، وتعمق في رسالة محبته لك، فإنك تنال ملء الحياة، وتستريح نفسك.. لأنه هكذا يقول: «وَتَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي إِذْ تَطْلُبُونَنِي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ» (إرميا 29: 13).

أيها القارئ الكريم نأمل أن تكون كلمات هذه النشرة قد استقرت في قلبك لتقودك إلى معرفة الرب يسوع المسيح مُصالحك مع الله.