العودة الى الصفحة السابقة
كيف تتصرف بوقتك؟

كيف تتصرف بوقتك؟


العجلة تنشب أظافرها في أمتنا. والطائرات والسيارات والمصاعد الكهربائية والإذاعات والجرائد. كلها تصرخ: اسرع اسرع! فالبشر، يتراكضون كالغزلان النافرة الهاربة خوفاً من الصياد الماكر. وتكاثر السكتات القلبية برهان لهذه الحياة المندفعة المضطربة.

وحيث أن الوقت ثمين عند الكثيرين من الناس. نبحث الآن في موضوع، كيف نصرف وقتنا بأفضل طريقة؟ في كل يوم أربع وعشرون ساعة، تتضمن 86400 ثانية. وكل إنسان يتصرف بوقته بطريقة مغايرة للآخر. فيا للعجب! يوجد شبان لا يعرفون ماذا يعملون بأوقاتهم، إلا قتلها. فانظر إلى الرجال الجالسين في المقاهي. إنهم يشربون النارجيلة، ويتوهمون أحلاماً لذيذة ورؤى مخدرة. وبجانبهم أناس يلعبون بالنرد والشطرنج وغيره. ويحرقون السيجارة تلو الأخرى. ويبقون إلى منتصف الليل على هذه الحالة. فماذا عملوا بوقتهم الثمين؟ إنهم يستهلكونه جذافاً. وشبان آخرون يدخلون إلى غرفة القمار والألعاب. فيضغطون على الكرة التي تدور. ويسمعون الأجراس المجلجلة المكهربة، وتحرضهم الأضواء المتلألئة فيضيعون أموالهم هباء منثوراً.

وجماهير غفيرة تتراكض إلى السينما، ويملأون شعورهم الباطني بصور الهيجان والنجاسة. فيصرفون وقتهم في إفساد نفوسم بأكاذيب مصانع الأحلام. فلا يقتلون أوقاتهم فقط، بل أنفسهم أيضاً. ولم يدركوا، أن الوقت هبة من الله. وعليهم أن يؤدوا الحساب عن كل ثانية هدرت منهم.

وآخرون غيرهم، يعالجون أنفسهم بمتاعب باطلة؟ فكم من السيدات يخطن ملابس بلا نهاية! أو يقفن أمام المرآة، ويضعن على وجوههن الأصباغ الحمراء والزرقاء والسوداء والخضراء. فيتبشعن، ويفقدن بجانب وقتهن الثمين جمالهن الموهوب من الخالق.

والوقت المفقود، هو مفقود حقاً، وليس إنسان بقادر أن يرجعه مرة أخرى. ولا نواح ولا ندم، يرجع ما قد هلك وفني. فعلينا أن ندرك هذه الحقيقة، إنه إن كان الماضي لن يعود، فلنأخذ عبرة من ذلك. ولنستغل كل دقيقة من حاضرنا بما ينفعنا. لا تشترك مع المولولين على ماضيهم، بل اتجه إلى مستقبلك، وابتدئ من جديد. أو أنك تريد أن تستمر في تضييع وقتك ومستقبلك. فإن العاقبة، تكون عند ذلك وخيمة.

وأفضل ما تعمله، أن تضع وقتك بين يدي الله الحنان. سله ماذا يريدك أن تعمل، فيعلمك استخدام وقتك بأحسن وجه. وتدرك، أن الله يشاء أن تصرف له وقتك. وعندئذ لن تفقد ثانية من وقتك. ولا تعود تخنقها بإهمال. بل تحل الأبدية في وقتك القصير، فيتمدد بدون انتهاء. ومن يتقدم إلى المسيح، ويسلّمه حياته، ويكرس له كل ساعة يمتلئ فرحاً وغبطة. لأن حياته قد وجدت معنى وهدفاً وجوهراً. تصور لو أن موظفاً صرف من وقت خدمته، ليكتب رسائله الخاصة، أو يقرأ الجرائد. فإن المدير، لا بد يقول له، إنني لا أدفع معاشاً لأجل هذا الاستهتار بالواجب. وقتك مرهون لعملك وهذا أمر متعارف لدى الناس في تعاملهم. فلماذا إذا لا ينطبق هذا المبدأ في العلاقة بيننا وبين خالقنا؟ إن وقتنا يخص ربنا، الذي له حق استخدامه. وإن لم ترجع إلى ربك بعد، ولم تسلم حياتك له. فلا تهمل هذا التسليم يوماً واحداً. إنه ينتظرك ويعرفك. وقد خلّصك من خطاياك، وأوجد لك الحياة الأبدية. ويريد حمايتك، من الأرواح المضلة. أشكرت مخلصك لفدائه؟ هل أدركت المسيح في محبته؟ تعال إلى منجيك الذي منحك حياة جديدة.

فلا تضيع وقتك الثمين بل استخدمه لملكوت الله وبره؟ فكل يوم وكل سنة، بدون المسيح، هي زمن مهدر. فلا تختال في الحياة بلا مبالاة، بل أدرك ما هو غاية كيانك. استخدم الوقت الموهوب لك، لتحصل على سلام الله. فإنك لا تعرف إن كان الغد سيأتيك وأنت حي. ولكن هذا اليوم هو الذي يخصك. فالكتاب المقدس يخبرنا: «الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ» (عبرانيين 3: 15). لا تضيع وقتك لأن اليوم هو الوقت المقبول ونقترح عليك مرة ثانية سلّم نفسك لربك، واصرف وقتك للمسيح الرحيم. فتعترف معنا أنه جعل حياتك ذات معنى، وأغناك روحياً بكنوز أبدية.

ولربما سألتنا، كيف يتم هذا التسليم عملياً، صل يا أخي العزيز إلى مخلصك، وتأمل في إنجيله، وآمن بما يقوله. ونفذ إرشاده وتعاليمه، فتنال قوة عظيمة من كلمة ربك. ففي الإنجيل سلطة إلهية مقتدرة عاملة. تحييك وتنعشك، وتطهرك من كل إثم وباطل. تعمق يومياً خمس دقائق على الأقل في كتاب الله، فتغتني، وتربح وقتك، وتعيش منذ اليوم في وسط الأبدية، كجزء منها. وتكون من أبناء الله، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

تعمق في كملة الله

إن أحببت أن تصرف وقتك بطريقة صائبة فاقرأ إنجيل الله يومياً، ونحن على استعداد تام أن نرسل إليك العهد الجديد. وإن كان عندك مشكلة أو موضوع تفكر به يتعلق بالإيمان والخلاص فاكتبه لنا نجاوبك بكل صراحة ووضوح.